حرب السَّبيعي عبداللّه بن شهر ، وكان مُضحاكا بطّالاً ... فقال له بُرير بن خُضَير : يا فاسق ، أنت يجعلك اللّه في الطيّبين! » (١). يبدو أنّ الحسين عليهالسلام كان يتعمّد رفع صوته عند قراءة القرآن بغية التأثير في نفوس الأعداء ، ولكنّ المطامع قد سدّت منافذ السمع لديهم.
ولما لمح الإمام ابنه علي الأكبر عليهالسلام وهو يصول ويجول في الميدان ، رفع شيبته نحو السماء قائلاً : ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. (٢) )
وعندما دنا الجيش من معسكر الإمام ، دعا الإمام براحلته فركبها ، ونادى بأعلى صوته : « أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما يحق لكم عليّ وحتى أعذر إليكم ، فإن أعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد ، وإن لم تعطوني النصف من أنفسكم ( فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ ) » (٣) ، ثم قرأ : ( إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ. (٤) )
وكان أصحابه كذلك يستشهدون بالقرآن ، فمثلاً : « أنّ حنظلة بن أسعد الشبامي قام بين يدي الإمام ونادى بأعلى صوته : يا قوم ( إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوْحٍ وَعَادٍ وَثَمُوْدَ وَالَّذِيْنَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٢٢٦ ، حوادث سنة إحدى وستين.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ٣٣ ـ ٣٤.
(٣) الإرشاد ٢ : ٩٧ ، والآية من سورة يونس : ١٠ / ٧١.
(٤) سورة الأعراف : ٧ / ١٩٦.