قبيلتين ، لأن أصحاب الحسين سواءً كانوا من حيث الانتماء القبلي أو من حيث الانتماء القومي والشعوبي ، أو من حيث الانتماء لمستوى الثقافة أو مستوى الوضع الاجتماعي ، بل وحتى من حيث الانتماء المذهبي ، يمثلون نماذج وعينات متعددة ومختلفة. حيث نلاحظ أنّ هناك اختلافا عظيما بين هؤلاء ، ولا يمكن أن تجمع كل هؤلاء أو توحّدهم قضية الصراع القبلي. فإن قضية الصراع القبلي لا يمكن أن توحّد بين جون العبد الأسود مولى أبي ذر ، وبين حبيب بن مظاهر الأسدي سيّد العشيرة العربي ، كما أنّه لا يمكن أن توحّد بين أولئك الذين كانوا بالأمس أعداءً للحسين ، كالحر بن يزيد الرياحي وزهير بن القين وغيرهما ممّن انضمّ إلى الحسين عليهالسلام أثناء المعركة عندما سمعوا حديثه أو استغاثته ، وبين من كان مواليا للحسين منذ اليوم الأول.
ثم ما هو الشيء الذي جعل زهير بن القين يتحوّل عن عثمانيته ، وعن اعتقاده بخط العثمانية ، الخط الذي أسّسه معاوية لتبرير موقفه المعارض لعلي عليهالسلام؟ وكان زهير بن القين إلى حين لقاء الحسين عليهالسلام يتبنّى هذا الخط العثماني. وكذلك موقف الحرّ بن يزيد الرياحي الذي كان إلى آخر لحظات المواجهة قائدا عسكريا كبيرا يقود جيش عمر بن سعد ، ثم تحوّل إلى جانب الحسين عليهالسلام ليستشهد معه ، لأنّه كان يخيّر نفسه بين الجنة والنار ، فاختار الجنّة في اللحظة الأخيرة.
وهناك تفسير آخر يسقط أصحابه تحت حوافر الفكر السياسي بمعناه البرغماتي (المصلحي) السائد ، انطلاقا من مقولة : ان السياسة هي فن الممكن. فيذهب هؤلاء إلى أن هدف الحسين عليهالسلام كان هو الوصول إلى