رعاية مبادى ء الإسلام في سياساته » (١).
إذن فأصحاب هذا التفسير لم تتسع آفاق تفكيرهم ، فتصوّروا القضية وكأنها نزاع وصراع على السلطة ، ولكن لا من أجل الهيمنة والسيطرة فحسب ، وإنما من أجل إحقاق الحق وإقامة العدل الإلهي ، ولكن الحسين لم تؤاته الظروف رغم أن أهل الكوفة أرسلوا له آلاف الكتب ووعدوه بالنصرة والوقوف إلى جانبه ، ولكنهم خذلوه في اللحظة الأخيرة.
وفات هؤلاء ضرورة وضع كل فكرة وكل نظرية في إطارها التاريخي الذي صدرت فيه ؛ أي في الظرف الزمني. وهؤلاء لم يضعوا فكرتهم هذه لتنسجم مع الجو العام الذي كان يعيشه الحسين عليهالسلام ، وعليه لا يمكن أن نفترض أن الحسين عليهالسلام غير مدرك للحقيقة التي أدركها هؤلاء المستشارون ، وهؤلاء المخلصون في نصحهم كابن عباس وأم سلمة وعبداللّه بن جعفر وغيرهم الذين أشاروا عليه بعدم الخروج ، وأكدوا له النتائج التي وقعت ، وذكروا له أنه لا يمكن في مثل هذه الظروف السياسية أن يحقق الانتصار ويصل إلى الحكم.
ولم يكن الحسين عليهالسلام يستهدف الوصول إلى الحكم ، كان يعرف أنّه لايصل إلى الحكم ، إلاّ أنّه كان يريد أن يحرّك الناس ويهزّ ضمائرهم ويوقظ وجدانهم فيتحركوا. كان عليه أن يقدم دمه الغالي رخيصا في سبيل هذا الهدف ، وكان عليه أن يُقتل ويُذبح عطشانا وبهذه الطريقة المأساوية التي
__________________
(١) ثورة الحسين عليهالسلام في الوجدان الشعبي / محمد مهدي شمس الدّين : ٣٩ ، الدار الإسلامية ، بيروت ، ط ١ ـ ١٤٠٠ه.