شملت الشيوخ والغلمان والنساء والأطفال ، حتى تتحرك هذه الضمائر والقلوب وتهتزّ المشاعر والعواطف.
إذن لم « تكن دوافعه عشائرية أو عاطفية نابعة من بغضاء الهاشميين للأمويين ، ولا مصلحية ( براغماتية ) نابعة من الصراع على الحكم بما هو تسلُّط دنيوي. فإن التاريخ الثابت لأئمة أهل البيت عليهمالسلام ينفي عنهم هذا الزعم ، ويثبت أن حياتهم كانت سلسلة من التضحيات في سبيل الصالح العام ، وأنهم إنما غُلبوا أمام خصومهم الأمويين في معارك السياسة لأنهم كانوا يتبعون في تعاملهم مع الأمة ومع خصومهم ومع أنصارهم مبادى ء ومقاييس أخلاقية ومبدئية تنبع من شعورهم بمسؤوليتهم الإسلامية في الدرجة الأولى.
ويكفي هنا أن نذكر إضافة إلى التاريخ الثابت أن الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهالسلام الذي شهد بنفسه فاجعة كربلاء ، وعاشها ساعة بعد ساعة بكل آلامها وأحزانها ، كان يدعو لأهل الثغور ، وما ذلك الدعاء من الإمام زين العابدين إلاّ وعيا منه لدور جيوش الثغور في حفظ المجتمع الإسلامي من أعدائه ، وإن كان هذا الجيش يحمي أيضا نظام الأمويين » (١).
إذن فهي ـ أي الثورة ـ لم تكن حركة قبلية أو إقليمية أو مذهبية ، ومن هنا فلا يجوز اعتبارها تراثا مذهبيا للشيعة ، لأن صبغتها المذهبية جاءت نتيجة لعوامل تاريخية ليس هنا مجال بحثها.
هي ثورة دفعت إلى القيام بها مبادى ء الإسلام وأحكامه لغاية تنبيه
__________________
(١) انظر : ثورة الحسين في الوجدان الشعبي : ٣٩.