الأمة على واقعها السيء ، وحملها على تحسينه عن طريق إثبات شخصيتها الإسلامية في وجه الحاكم المنحرف ، وذلك بتصحيح نهج الحاكم.
وفي مقابل أولئك الذين وقعوا أسر ضيق النظرة والتحيُّز غير المشروع ، أو الذين لم يسلكوا سبيل الانصاف فنظروا بمنظار الحقد الأسود ، أو الذين نظروا بمنظار سياسي نفعي ( براغماتي ) ، نجد هناك نظرة منصفة تنظر للقضية من زاوية أخرى ، فقد أدرك البعض الآخر بثاقب بصرهم أن القضية أبعد من ذلك بكثير ، نظروا إليها على أنها كانت من أجل تثبيت الموقف الشرعي والحكم الإسلامي تجاه ظاهرة الطغيان اليزيدي ، والحكم الكسروي الجديد الذي كان يجسده هذا الحاكم المستهتر بالقيم والشعائر الإسلامية ، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى المحافظة على وجود الرسالة الإسلامية واستمرارها من خلال تثبيت هذا الموقف وما يمكن أن يحدث عنه من تفاعلات في الأمة. ومن ناحية ثالثة إيقاظ ضمير الأمة وهزّ مشاعرها وأحاسيسها وتحريك وجدانها ، من أجل العمل على مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة ـ ظاهرة سيطرة الحكام المنحرفين ـ في حياتها.
فالدوافع الحقيقية لثورة الحسين عليهالسلام ـ إذن ـ كانت تتمثّل بهدف ثلاثي الأبعاد؛ يركّز البعد الأوّل منه على تحديد الموقف الشرعي من أُناس تسلّقوا إلى قمّة الهرم السلطوي الإسلامي بدون أهلية أو كفاءة ولم يتّصفوا بالشرعية ، وبعُد آخر مستقبلي يتمثّل بحركة الإسلام المستقبلية التي يراد لها أن ترتكز على قواعد الحقّ والعدم ، أمّا البُعد الثالث فيتعّلق بالأمّة ومسارها الحقيقي وأوضاعها المختلفة التي تدهورت بفعل سيطرة وسطوة