فمن ردود الفعل الّتي أحدثتها الثورة ، ما روي أنّ زيد بن أرقم صاحب رسول اللّه صلىاللهعليهوآله لمّا رأى ابن زياد في قصر الإمارة أخذ يضرب بالقضيب ثنايا أبي عبداللّه الحسين عليهالسلام قال له : « ارفع قضيبك عن هاتين الشّفتين ، فواللّه الّذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول اللّه صلىاللهعليهوآله عليهما ما لا أحصيه كثرة تُقبِّلُهما ، ثمّ انتحب باكيا. فقال له ابن زياد : أبكى اللّه عينيك ، أتبكي لفتح اللّه؟ واللّه لولا أنّك شيخٌ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك » (١). وهكذا يرتدي أزلام بني أمية رداء الإسلام ويتبجّحون بمصطلحاته.
ومن الفتوحات السياسية الأخرى التي أفرزتها واقعة الطف ، هي عزل الحكام عن المجتمع؛ إذ صار الناس ينظرون إليهم كحكام استبداديين وسلاطين جور ، يحكمون بالقهر والقوة ، ولا يمت سلوكهم إلى الإسلام بصلة مطلقا ، ولا يمثلون من الإسلام قليلاً ولا كثيرا. هذا بالاضافة إلى أن الحسين عليهالسلام قد بذر بتضحيته المباركة بذور الثورة ضد أولئك الحكام وأمثالهم في نفوس الأمة الإسلامية ، ونمت تلك البذرة بسرعة وأثمرت ثورات تحررية وانتفاضات شعبية عديدة في العالم الإسلامي عبر التاريخ وحتى اليوم.
يقول أحمد محمود صبحي : « وإن كان الحسين بن علي عليهالسلام قد هزم على الصعيد السياسي والعسكري ، إلاّ أنّ التاريخ لم يشهد قط هزيمة انتهت لصالح المهزومين مثل دم الحسين. فدم الحسين تبعته ثورة ابن الزبير ،
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ١١٤ ـ ١١٥.