من الناس العاديين إلى إعادة النظر في مواقفهم من النظام الأموي وولائهم له.
وحتى أولئك الذين استقبلوا العزم على الثورة بفتور ، وقدّموا نصائحهم بالكفِّ عنها ، لم يستطيعوا أن يثبتوا على موقفهم الأول السلبي بالنسبة إلى الثورة ، فاضطروا إلى مجاراة الرأي العام في الدهشة والاستنكار ، فقد كان زيد بن أرقم أحد الحاضرين في مجلس عبيد اللّه بن زياد في الكوفة لما أدخلت عليه السبايا ورؤوس الشهداء ، فبكى لما رأى ابن زياد يضرب بقضيب في يده ثنايا الإمام الحسين عليهالسلام ، ولما زجره ابن زياد لبكائه وهدَّده ، قال : « أنتم ـ يا معشر العرب ـ العبيد بعد اليوم ، قتلتم ابن فاطمة ، وأمَّرتم ابن مرجانة ، فهو يقتل خياركم ، ويستعبد أشراركم ، فرضيتم بالذلّ ، فبعدا لمن رضي بالذُّل » (١).
تجدر الإشارة الى أن قتل الحسين عليهالسلام وأهله وأصحابه بهذه الطريقة الوحشية قد أثار استنكار بعض رجالات أهل الأديان الأخرى ، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن ، قال : « لقيني رأس الجالوت فقال : واللّه إنّ بيني وبين داود لسبعين أبا ، وإن اليهود لتلقاني فتعظّمني ، وأنتم ليس بينكم وبين نبيكم إلاّ أب واحد فقتلتم ولده!! » (٢).
ثمّ « إنّ الثورة ولَّدت أخطارا كبرى على النظام الأموي ما كانت في الحسبان ، وذلك بعد ان تفجَّر الموقف كلّه ، واندفع شيعة أهل البيت إلى
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٢٤٨ ، حوادث سنة إحدى وستين.
(٢) سلسلة (تراثنا) (١) ، المصدر السابق : ٨٧ ـ ٨٨.