( فيه جماعة فان وسعهم ) على وجه لا يقع بينهم تعاسر ( أو ) لم يسعهم ولكن ( تراضوا ) على المهاياة ( فيه ف ) كذلك ( لا بحث ، وإن تعاسروا ) قسم بينهم بالأجزاء بأن توضع خشبة صلبة لا يحصل فيها التفاوت بمرور الأزمنة ، أو صخرة ذات ثقب متساوية على قدر حقوقهم في صدر الماء على وجه لا يكون دخول الماء في تلك الثقوب متفاوتا ، ويجري كل منهم ساقية لثقوبه ، ويجعل الثقوب على أقلهم سهما فإذا كان لأحدهم نصفه وللآخر ثلثه ولثالث سدسه جعلت الثقوب ستة ، ثلاثة منها لذي النصف ، واثنان لذي الثلث ، وواحد لذي السدس ، وهكذا. فيصنع كل منهم حينئذ بمائه ما شاء ولو بأن يسقي به ما لم يكن له شرب من هذا النهر ، لقاعدة تسلط الناس على أموالها بعد كون القسمة قسمة عدل.
بل الظاهر عدم جواز رجوع أحدهم بعد استيفاء الآخر ، نعم له ذلك في المهاياة التي لا إشكال في صحتها مع الاتفاق منهم عليها ، إلا أنها غير لازمة ، للأصل وغيره ، فلأحدهم الرجوع قبل استيفاء الآخر نوبته وإن كان الراجع قد استوفى سابقا تمام نوبته.
ولكن قيل : يضمن له اجرة مثل نصيبه من النهر للمدة التي أجرى الماء فيها ، لأنه لما تعذر ضبط الماء المستوفي بالكيل والوزن امتنع إيجاب مثله وإن كان مثليا ، وأولى منه قيمته فلم يبق إلا الرجوع إلى الزمان الذي استوفى فيه ، فوجبت الأجرة على حسبه.
إلا أنه كما ترى لا يصلح مخصصا لما دل على ضمان المثلي بمثله ، ومع التعذر فقيمته وإن أدى ذلك هنا إلى الرجوع للصلح ونحوه ، والله العالم.