أحد ، كما أن النبيذ أعني الماء الذي نبذ فيه شيء من الزبيب واكتسب حلاوته كذلك ، لأنه ماء الفرات أو بئر أو مطر وإنما جاور الزبيب مقداراً من الزمان واكتسب حلاوته ولا يصدق عليه العصير العنبي أبداً ، ومع التعدد وارتفاع الموضوع المترتب عليه الحكم والأثر لا مجال لإجراء الاستصحاب بوجه.
نعم ، لو كان العنب بنفسه موضوعاً للحكم بحرمته أو بنجاسته لحكمنا بجريان استصحابهما عند صيرورة العنب زبيباً ، لأن الجفاف والرطوبة تعدان من الحالات الطارئة على الموضوع لا من مقوماته ، فلا نضايق من القول باستصحاب الأحكام
المترتبة على نفس العنب عند تبدله بالزبيب كاستصحاب ملكيته ونحوها. فالمتحصل أن الاستصحاب التعليقي مما لا أصل له.
وثانيهما : الروايات حيث استدلّ لحرمة العصير الزبيبي بجملة من الأخبار : منها : رواية زيد النرسي في أصله ، قال : « سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن الزبيب يدق ويلقى في القدر ثم يصب عليه الماء ويوقد تحته ، فقال : لا تأكله حتى يذهب الثلثان ويبقى الثلث ، فان النار قد أصابته ، قلت : فالزبيب كما هو في القدر ويصب عليه الماء ثم يطبخ ويصفى عنه الماء؟ فقال : كذلك هو سواء ، إذا أدّت الحلاوة إلى الماء فصار حلواً بمنزلة العصير ثم نش من غير أن تصيبه النار فقدم حرم ، وكذلك إذا أصابته النار فأغلاه فقد فسد » (١) حيث دلت على حرمة العصير الزبيبي إذا غلى ولم يذهب ثلثاه. وقد جعلها شيخنا شيخ الشريعة قدسسره مؤيدة لما ذهب إليه من التفصيل المتقدم نقله عند الكلام على نجاسة العصير العنبي ، وذلك لتصريحها بأنه إذا نش من غير أن تصيبه النار فقد حرم. وأما إذا غلى بالنار فيفسد حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه وحيث إنها لم تقيد الحرمة فيما إذا غلى بنفسه بشيء وقد قيّدتها بعدم ذهاب الثلثين فيما إذا غلى بالنار فيستفاد منها أنّ الحرمة في الصورة الاولى لا ترتفع إلاّ بالانقلاب. وأما إطلاق ذيلها أعني قوله : « وكذلك إذا أصابته النار فأغلاه فقد فسد » من غير أن تقيّد فساده بشيء فهو من جهة وضوح حكمه وغايته في صدر الرواية (٢).
__________________
(١) المستدرك ١٧ : ٣٨ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٢ ح ١.
(٢) إفاضة القدير : ٢٣.