عرقان من اليمين واليسار يسميان بالوريد وهما مجرى الدم فاذا قطع الوريد فلا محالة يخرج الدم من مفصله فكيف يرجع إلى الجوف قبل خروجه عنه ، ولا يمكن للنفس أن يجذب الدم من الوريد الذي هو مجرى الدم ، نعم يجذبه من مجرى النفس إلاّ أنه بعد خروج الدم من الوريد ولا يمكنه ذلك قبل خروجه.
ثم إن هناك صورة أُخرى وهي عدم خروج الدم من الذبيحة أصلاً ، وهذا قد ينشأ من الخوف العارض على الحيوان وانجماد الدم بسببه ، وأُخرى يحصل بوضع اليد على مقطع الذبيحة وسد الطريق ، وثالثة يتحقق بالنار ، فان وضعها على المقطع يوجب التيامه وبه ينسد الطريق من دون أن يرجع الدم إلى الداخل كما في الصورة المتقدمة فهل يحكم بطهارته حينئذ؟ الصحيح أنه محكوم بالنجاسة بل الذبيحة ميتة محرّمة والوجه في ذلك أن التذكية تتحقق بأمرين أعني خروج الدم وتحرك الذبيحة ، لأنه مقتضى الجمع بين ما دلّ على اشتراط التذكية بخروج الدم فحسب (١) وما دلّ على اعتبار تحرك الذبيحة في تحققها (٢) وحيث إن مفروض المسألة عدم خروج الدم من الذبيحة فلا يمكن الحكم بتذكيته.
ثم إنه إذا اكتفينا في تحقق التذكية بمجرد الحركة أو قلنا بكفاية كل واحد من الأمرين كما ذهب إليه بعضهم فلا إشكال في جواز أكل الذبيحة ، لوقوع التذكية عليها على الفرض ، ولا يمكن الحكم بطهارة دمها ، لأن الدليل على طهارة الدم المتخلف منحصر بالسيرة المتشرعية ، ولم نتحقق سيرتهم على عدم الاجتناب من دم الذبيحة في مفروض المسألة لندرة الابتلاء به ومعها لا طريق إلى إحراز السيرة بوجه. هذا كله في صورة العلم بالحال وأن الدم الموجود من المتخلف في الذبيحة أو مما دخل إلى الجوف بعد الخروج ، وأما إذا شككنا في ذلك ولم نحرز أنه من المتخلف أو من غيره
__________________
(١) ففي ما رواه زيد الشحام : « إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس » الوسائل ٢٤ : ٢٥ / أبواب الذبائح ب ١٢ ح ٣.
(٢) عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « في كتاب علي عليهالسلام إذا طرفت العين أو ركضت الرجل أو تحرك الذنب فكل منه فقد أدركت ذكاته » إلى غير ذلك من الأخبار المروية في الوسائل ٢٤ : ٢٣ / أبواب الذبائح ب ١١ ح ٦ وغيره.