على نجاسته أو مانعيته إلى زمان العسكري عليهالسلام فمن هذا كله يظهر أنه لا مناص من حمل الأخبار المانعة على التنزه والكراهة لاستقذار عرق الجنب من الحرام ، وبهذا المقدار أيضاً تثبت كرامته عليهالسلام وإعجازه حيث أجاب عما في ضمير السائل من غير أن يسبقه بالسؤال.
بقي الكلام في مرسلة الشيخ قدسسره في مبسوطه حيث قال في محكي كلامه : وإن كانت الجنابة من حرام وجب غسل ما عرق فيه على ما رواه بعض أصحابنا (١). فالكلام في أن ما رواه ذلك البعض أي رواية ، والظاهر أنه أراد بذلك رواية علي بن الحكم عن رجل عن أبي الحسن عليهالسلام قال : « لا تغتسل من غسالة ماء الحمّام ، فإنه يغتسل فيه من الزنا ، ويغتسل فيه ولد الزنا ، والناصب لنا أهل البيت وهو شرّهم » (٢) وذلك لأنه إن كانت هناك رواية أُخرى دالة على نجاسة عرق الجنب من الحرام لنقلها نفس الشيخ في كتابي الأخبار أو نقلها لا محالة في شيء من كتبه المعدّة للاستدلال كالمبسوط وغيره ، ولم ينقل شيئاً يدل على ذلك في كتبه فتعيّن أن يكون مراده تلك الرواية المتقدِّمة ، إلاّ أنها غير قابلة للاعتماد لضعف سندها ، فانّ علي بن الحكم إنما رواها عن رجل وهو مجهول ، ومعه تدخل الرواية في المراسيل ولا يمكن أن نعتمد عليها في مقام الاستدلال.
وأضف إلى ذلك ، المناقشة في دلالتها حيث إنها إنما تقتضي نجاسة بدن الزاني وولد الزنا وقد قدّمنا طهارة ولد الزنا كما لا إشكال في طهارة بدن الزاني ، وإنما الكلام في نجاسة عرقه ولا دلالة لها على نجاسة عرقه بوجه ، على أنها معارضة بما دلّ على طهارة الزاني وولد الزنا. نعم ، لا إشكال في نجاسة الناصب كما أسلفنا في محلِّه (٣) فتحصّل أنه لم ترد رواية معتبرة في عرق الجنب من الحرام حتى يستدلّ بها على
__________________
(١) المبسوط ١ : ٩١ ما نصّه : « ان كانت الجنابة عن حرام روى أصحابنا انه لا تجوز الصلاة فيه ».
(٢) الوسائل ١ : ٢١٩ / أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ٣ ، وكذا في ٣ : ٤٤٨ / أبواب النجاسات ب ٢٧ ح ١٣.
(٣) في ص ٦٩.