الجلاّل ، لأن الأمر بغسله ظاهر في الإرشاد إلى نجاسته كما مرّ في نظائره ، منها قوله عليهالسلام : « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » (١).
ولكن الصحيح عدم نجاسة العرق من الإبل الجلالة فضلاً عن غيرها ، بيان ذلك : أن الأمر بغسل الثوب أو البدن ونحوهما مما أصابه البول أو العرق وإن كان ظاهراً في نجاسة البول أو العرق ولا سيما إذا كان بلفظة من كما في قوله عليهالسلام : « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » لأنها ظاهرة في أن الأمر بغسل الثوب أو البدن إنما هو من جهة الأثر الحاصل من إصابة البول ، وليس ذلك الأثر إلاّ نجاسته ، وكذلك الحال فيما إذا أمر بغسل نفس البول أو العرق كما في الحسنة والصحيحة المتقدِّمتين حيث قال عليهالسلام « اغسله » أي ذلك العرق ، فإنه أيضاً ظاهر في الإرشاد إلى نجاسة العرق وإن كان في الظهور دون القسم السابق ، إلاّ أن هذا إنما هو فيما إذا لم يكن في الرواية قرينة أو ما يحتمل قرينيته على خلاف هذا الظهور وهي ثابتة في الروايتين لأنه عليهالسلام نهى عن شرب ألبان الإبل الجلالة في الحسنة أولاً ثم فرّع عليه الأمر بغسل عرقها ، كما أنه في الصحيحة نهى عن أكل لحوم الجلالة ثم فرّع عليه الأمر بغسل عرقها ، وسبق الأمر بغسله بالنهي عن شرب الألبان أو أكل اللحوم قرينة أو أنه صالح للقرينية على أن وجوب غسل العرق مستند إلى صيرورة الجلال من الإبل وغيرها محرّم الأكل عرضاً ولا تجوز الصلاة في شيء من أجزاء ما لا يؤكل لحمه : روثه ولبنه وعرقه وغيرها ، كانت حرمته ذاتية أم عرضية بالجلل أو بوطء الآدمي أو بشرب الشاة من لبن خنزيرة ، ولأجل ذلك فرّع عليه الأمر بغسل عرقه حتى يزول ولا يمنع عن الصلاة وإن كان محكوماً بالطهارة في نفسه كما هو الحال في ريق فم الهرة أو غيرها من الحيوانات الطاهرة مما لا يؤكل لحمه.
وعلى الجملة أن الأمر بغسل عرق الجلال في الروايتين إما ظاهر فيما ذكرناه أو أنه محتمل له ومعه لا يبقى للاستدلال بهما على نجاسة العرق مجال. ثم إن تخصيص العرق
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢.