قرب الاسناد عن أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهالسلام « أن علياً عليهالسلام قال : لا بأس بسؤر الفأرة أن يشرب منه ويتوضأ » (١) فان هذه الروايات الثلاث مطبقة على طهارة الفأرة ، ومعها لا مناص من حمل ما دلّ على نجاستها على استحباب الاجتناب عنها أو على كراهة تركه.
وأما الوزغة ففي صحيحة معاوية بن عمّار قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الفأرة والوزغة تقع في البئر ، قال : ينزح منها ثلاث دلاء » (٢) وظاهرها وإن كان يقتضي نجاسة الوزغة إلاّ أنها أيضاً معارضة بصحيحة علي بن جعفر المتقدِّمة المشتملة على طهارة الوزغ والعظاية والحيّة إذا وقعت في الماء ولم تَمُت ، ومع المعارضة لا يعتمد عليها في شيء.
وأما العقرب ففي موثقة أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « سألته عن الخنفساء تقع في الماء أيتوضأ به؟ قال : نعم ، لا بأس به ، قلت : فالعقرب؟ قال : أرقه » (٣) وفي ذيل موثقة سماعة : « وإن كان عقرباً فأرق الماء وتوضأ من ماء غيره » (٤) وظاهرهما نجاسة العقرب كما ترى ، وفي مقابلهما رواية هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « سألته عن الفأرة والعقرب وأشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيّاً هل يشرب من ذلك الماء ويتوضأ به؟ قال : يسكب منه ثلاث مرات ، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة ، ثم يشرب منه ويتوضأ منه غير الوزغ فإنّه لا ينتفع بما يقع فيه » (٥) إلاّ أنها ضعيفة فلا يمكن أن يعارض بها الموثقة ومن هنا يشكل الحكم بطهارة العقرب. والذي يسهل الخطب أن الموثقة قاصرة الدلالة على نجاسته ، لأنها إنما اشتملت على الأمر بإراقة الماء الذي وقع فيه العقرب ولا دلالة له على نجاسته ، ولعلّه من جهة ما فيه من السم فقد أمر بإراقة الماء دفعاً لاحتمال تسممه. هذا ويبعّد القول بنجاسة العقرب أن ميتته لا توجب نجاسة الماء لأنه مما لا نفس له ، والماء إنما
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٤١ / أبواب الأسآر ب ٩ ح ٨ ، قرب الإسناد : ١٥٠ ح ٥٤٢.
(٢) الوسائل ١ : ١٨٧ / أبواب الماء المطلق ب ١٩ ح ٢.
(٣) ، (٤) الوسائل ١ : ٢٤٠ / أبواب الأسآر ب ٩ ح ٥ ، ٦.
(٥) الوسائل ١ : ٢٤٠ / أبواب الأسآر ب ٩ ح ٤.