يشك في طهارته ونجاسته فان الاحتياط بعدم التوضؤ منه إنما يحسن فيما إذا كان عنده ماء آخر ، وأما إذا كان الماء منحصراً به فان الاحتياط حينئذ بعدم التوضؤ منه مما لا إشكال في حرمته ومرجوحيّته ، لعدم مشروعية التيمّم مع التمكّن من التوضؤ بماء محكوم بالطهارة شرعاً. وأما الوسواس فهو مما لا كلام في مرجوحيته لأنه مخل للنظام وموجب لتضييع الأوقات الغالية على ما شاهدناه بالعيان وإنما الكلام في أمرين آخرين :
أحدهما : في أن الجري العملي على طبق الوسوسة محرّم شرعي أو لا حرمة له؟ مثلاً إذا توضأ ثم توضأ وهكذا أو صلّى ثم صلّى فهل نحكم بفسقه وسقوطه بذلك عن العدالة؟ فيما إذا التفت إلى وسوسته الذي هو مرتبة ضعيفة من الوسواس دون ما إذا لم يلتفت إليها واعتقد صحّة عمله وبطلان عمل غيره وهو مرتبة عالية من الوسواس فإنه لا يحكم عليه بشيء لغفلته.
وثانيهما : أن الاحتياط المستلزم لتعقب الوسواس محرم أو لا حرمة له؟ أما الجري على طبق الوسوسة فالظاهر عدم حرمته بعنوان الوسوسة وإن التزم بعضهم بحرمته. نعم ، قد يتّصف بالحرمة بعنوان آخر ككونه سبباً لنقض الصلاة وهو محرّم على المشهور أو لاستلزامه تأخير الصلاة عن وقتها أو لتفويت واجب آخر كالإنفاق على من يجب عليه إنفاقه أو لاستلزامه اختلال النظام أو الهلاكة ونحوهما ، إلاّ أنها عناوين طارئة محرمة في حد أنفسها من غير ناحية الوسواس ، والكلام في أنّ الوسواس بما هو كذلك إذا لم يستلزمه شيء من العناوين المحرّمة محرّم أو لا حرمة فيه.
نعم ، ورد في بعض الروايات النهي عن تعويد الشيطان نقض الصلاة (١) وفي صحيحة عبد الله بن سنان « ذكرت لأبي عبد الله عليهالسلام رجلاً مبتلى بالوضوء والصلاة ، وقلت : هو رجل عاقل ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : وأي عقل له وهو يطيع الشيطان؟ فقلت له : وكيف يطيع الشيطان؟ فقال : سله هذا الذي يأتيه من أي
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٢٨ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٦ ح ٢.