كانت نجسة حال كونها تحت سلطانه وسيطرته ، فهل يعتمد على قوله نظراً إلى أن المخبر به إنما هو نجاسة العين التي كانت مملوكة له أو تحت استيلائه أو لا يعتمد عليه لأنّ المخبر لا يصدق عليه صاحب اليد حال إخباره؟
فيه وجهان ، ثانيهما صحيحهما وذلك لأن مدرك اعتبار قوله هو السيرة العقلائية كما عرفت ، ولم تحرز سيرتهم على قبول قوله في أمثال المقام ، ويكفي في عدم حجيته مجرّد الشك في سيرتهم ، حيث إنّا نحتمل أن تكون سيرة العقلاء هي مدرك القاعدة المعروفة من أن من ملك شيئاً ملك الإقرار به كما أفاده المحقق الهمداني (١) قدسسره وبه يستكشف أن اعتبار قول ذي اليد يدور مدار ملكه واستيلائه ومع انتفائهما لا ينفذ قوله ولا يعتمد عليه.
هذا وقد يدعى قيام السيرة على قبول خبره في المقام وبالأخص فيما إذا كان إخباره قريباً من زمان استيلائه ، كما إذا باع ثوباً من أحد وبعد تسليمه إليه أخبر عن نجاسته. ولا يمكن المساعدة على هذا المدعى ، لأن سيرة العقلاء وإن جرت على قبول إخبار البائع عن نجاسة المبيع إلاّ أن المستكشف بذلك ليس هو اعتبار قول ذي اليد بعد انقطاع سلطنته ويده وإنما المستكشف هو اعتبار خبر الموثق في الموضوعات الخارجية كما هو معتبر في الأحكام ، والذي يدلنا على ذلك أن البائع في مفروض المثال لا يعتمد على إخباره عن نجاسة المبيع فيما إذا لم تثبت وثاقته عند المشتري لاحتمال أن البائع يريد أن يصل بذلك إلى غرضه وهو فسخ المعاملة حيث يبدي للمشتري نجاسته حتى يرغب عن تملكه وإبقائه ، ومع هذا الاحتمال لا يعتمد على إخباره عند العقلاء. وأظهر من ذلك ما لو باع المالك ما بيده ولما أتلف ثمنه أخبر المشتري بأنه كان مغصوباً أو وقفاً فهل يعتمد على دعواه هذه؟ نعم ، لو ادعى شيئاً من ذلك قبل أن يبيعه اعتبر قوله لأنه من إقرار العقلاء على أنفسهم ، فالإنصاف أن قول صاحب اليد لم يثبت اعتباره في أمثال المقام.
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٦١٠ السطر ١٤.