ينصرف إلى إرادة الماء المطلق إلاّ أن يقيد بقيد كماء الرمّان أو البطيخ ونحوهما. والزيت المستحصل من الزيتون لا ينجمد في الصيف والشتاء وإن كان يرق في الصيف أكثر منه في الشتاء ، ومن هنا دلّت الرواية على نجاسته بموت الفأرة فيه من غير تفصيل ، وفصّلت في السمن والعسل بين ذوبانهما وعدمه.
وفي ثالث التفصيل بين الصيف والشتاء كما في صحيحة الحلبي ، قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الفأرة والدابة تقع في الطعام والشراب فتموت فيه ، فقال : إن كان سمناً أو عسلاً أو زيتاً فإنه ربما يكون بعض هذا ، فان كان الشتاء فانزع ما حوله وكله وإن كان الصيف فارفعه حتى تسرج به ، وإن كان برداً فاطرح الذي كان عليه ولا تترك طعامك من أجل دابّة ماتت عليه » (١) وقد أسندها شيخنا الأنصاري قدسسره إلى سعيد الأعرج (٢) وهو اشتباه من قلمه الشريف كما نبهنا عليه في بحث المكاسب (٣). والمراد بالصيف والشتاء فيها إنما هو التفصيل بين الذوبان والانجماد وذلك للقرينة الخارجية والداخلية : أما الخارجية فهي ظهور أن المائعات تنجمد في الشتاء كما تذوب في الصيف ، وأما القرينة الداخلية فهي قوله عليهالسلام : « فانزع ما حوله » لوضوح أن النزع لا يمكن إلاّ فيما له صلابة وانجماد فمن ذلك يظهر أن مراده عليهالسلام هو التفصيل بين الذوبان والانجماد. وأما ما في ذيلها أعني قوله عليهالسلام : « وإن كان برداً فاطرح الذي كان عليه » فلعله تأكيد لما أمر به في صدرها بقوله عليهالسلام : « فان كان الشتاء فانزع ما حوله » ويبعّده أنه تكرار في الكلام وهو من الاستهجان بمكان. والصحيح كما في بعض النسخ هو الثرد بمعنى القطعات المبللة من الخبز بماء القدر أو غيره ، فهذه الجملة حينئذ من متفرعات ما ذكره في صدرها بقوله عليهالسلام : « فان كان الشتاء فانزع ما حوله » وذلك لأنّ تنجس قطعة من القطعات المبللة بالمرق مثلاً لا يوجب تنجس الجميع
__________________
(١) الوسائل ٢٤ : ١٩٥ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٤٣ ح ٣.
(٢) المكاسب : ١ : ٦٦.
(٣) مصباح الفقاهة ١ : ١٤٦.