باليد المتنجسة الرطبة وهو معنى عدم تنجيس المتنجس. وفيه : أن السائل لم يفرض في كلامه أن مسح وجهه أو بعض جسده كان بالموضع المتنجس من يده ، لأن المتنجس إنما هو موضع معيّن أو غير معين منها ولم تجر العادة على مسح الوجه أو غيره بجميع أجزاء اليد ، كما أن العرق لا يحيط بتمامها عادة وإنما تتعرق الناحية التي أصابها شيء من البول مثلاً ، فان كانت تلك الناحية معينة في يده وعلمنا أنها قد لاقت وجهه أو بعض جسده وشككنا في أن الملاقي هل كان هو الموضع المتنجس منها أو غيره من المواضع الطاهرة فالأصل أن الموضع المتنجس لم يلاق الوجه أو بعض جسده ، وأما إذا كانت الناحية التي أصابها شيء من البول غير معينة فتكون اليد من الشبهة المحصورة للعلم بنجاسة بعض مواضعها وقد بيّنا في محله أن ملاقي أحد أطراف الشبهة محكوم بالطهارة (١).
ومنها : رواية سماعة قال « قلت لأبي الحسن موسى عليهالسلام : إنِّي أبول ثم أتمسّح بالأحجار فيجيء مني البلل ما يفسد سراويلي؟ قال : ليس به بأس » (٢) لأنّ نفيها البأس عن البلل مع العلم بملاقاته الموضع المتنجس بالبول لا يستقيم إلاّ على القول بعدم تنجيس المتنجس ، هذا. ولا يخفى أنّ الرواية لا بدّ من تقييدها بما إذا كان البلل قد خرج بعد استبرائه ، وذلك لما دلّ على نجاسة البلل إذا خرج قبله فلا بدّ من تقييدها بذلك ، بل عن النسخة المطبوعة من التهذيب أنها مقيدة بالاستبراء في نفسها فكأنه قال فيجيء مني البلل بعد استبرائي ما يفسد سراويلي (٣) هذا.
ثم إن الرواية غير صالحة للاعتماد عليها في مقام الاستدلال وذلك أما أوّلاً : فلأن في سندها الحكم بن مسكين وهو ممن لم ينص الأصحاب على مدحه ووثاقته ، نعم ذهب الشهيد قدسسره إلى اعتبار رواياته حيث عمل بها معللاً بأنه لم يرد طعن
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٤١٠.
(٢) الوسائل ١ : ٢٨٣ / أبواب نواقض الوضوء ب ١٣ ح ٤.
(٣) التهذيب ١ : ٥١ / ١٥٠.