المسجد أو غيره من الأمكنة بوجه ، فهل ترى صحة الاستدلال بإطلاقها على جواز تنجيس الحائط إذا كان مِلكاً لغير المصلي؟ ولا وجه له إلاّ أن الرواية غير ناظرة إلى تلك.
وكيف كان ، إنّ حرمة تنجيس المساجد ووجوب إزالة النجاسة عنها حكمان قطعيّان وأمران ارتكازيّان في أذهان المتشرِّعة. على أنه يمكن أن يستدل على وجوب الإزالة بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام قال : « سألته عن الدابة تبول فتصيب بولها المسجد أو حائطه أيصلّى فيه قبل أن يغسل؟ قال : إذا جف فلا بأس » (١) حيث دلّت على أن وجوب إزالة النجاسة عن المسجد كان مرتكزاً ومفروغاً عنه عند السائل ، وإنما تردد في وقتها حيث سأله عن أنها على الفور أو يجوز تأخيرها إلى بعد الصلاة وقد قرّره الإمام عليهالسلام على هذا الارتكاز ولم يردع عن اعتقاده الوجوب. وأما سؤاله عن بول الدابة فيحتمل أن يكون مستنداً إلى احتماله نجاسة بول الدواب أو إلى اعتقادها كما دلّ عليها بعض الأخبار الواردة بطريقنا (٢) وحملناه على التقيّة لموافقته العامّة حيث ذهب جملة منهم إلى نجاسة بول الدواب (٣) ، ومن هنا يظهر أنّ عدم حكمه عليهالسلام بطهارته مستند إلى التقية وعدم إظهاره المخالفة مع المخالفين. وأما تفصيله عليهالسلام بين صورتي جفاف البول ورطوبته فلعله من جهة استقذاره مع الرطوبة وإذا يبس فلا يبقى مجال لاستقذاره.
وعلى الجملة أنّ الرواية لا إشكال في سندها حيث إن صاحب الوسائل قدسسره رواها بطريقين فبطريق عبد الله بن الحسن تارة وهو الذي ضعّفناه في بعض أبحاثنا ، وعن كتاب علي بن جعفر اخرى وطريقه إلى كتابه صحيح ، كما أن دلالتها واضحة. نعم ، يمكن المناقشة فيها أي في دلالتها بأنّ الاستدلال بالرواية على
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤١١ / أبواب النجاسات ب ٩ ح ١٨.
(٢) الوسائل ٣ : ٤٠٦ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٧ وب ٩ ح ١ ، ٥ ، ٨ ، ٩ ، ١١.
(٣) بداية المجتهد ١ : ٨٠ ، المجموع ٢ : ٥٤٩ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٥٣ ٥٤ المحلي ١ : ١٦٨ ، بدائع الصنائع ١ : ٦١ ، حلية العلماء ١ : ٣٠٦ روضة الطالبين ١ : ١٢٥. كما تقدّم نقل أقوالهم في شرح العروة ٢ : ٥٧.