عصى تكليفاً واحداً كما هو الحال في سائر الواجبات التخييرية.
وأما إذا كان مدركهما دليلاً لبياً أعني به الإجماع ، نظراً إلى أن ما دلّ على وجوب الإزالة لا يدل على وجوبها الفوري الدقي ، غاية الأمر أن يدل على وجوب الفور العرفي ، حيث لا مجال لتوهم دلالته على جواز تأخير الإزالة إلى مرور خمسين سنة مثلاً ، فلا بد في امتثال الأمر بالإزالة من المبادرة إليها عرفاً ، والفورية العرفية لا ينافيها إتمام ما بيده من الصلاة أو إنهاء ما اشتغل به من أكل أو شرب ونحوهما مما بقي منه شيء طفيف ، وعليه فلو وجبت الإزالة فوراً عقلياً فهو مستند إلى الإجماع لا محالة كما أن وجوب إتمام الصلاة إنما يثبت بالإجماع المنعقد على وجوبه وحرمة قطعها ، لأن المراد بالتحليل والتحريم في الأخبار المتقدِّمة إنما هو الحرمة والحلية الوضعيتان أعني مانعية مثل القهقهة والاستدبار ونحوهما بعد تكبيرة الإحرام وعدم مانعيتها بعد التسليمة ، فإنه لا موضوع حينئذ كي تمنع عنه تلك الأُمور فلا دلالة للروايات على حرمتها التكليفية ومن هنا ورد في بعضها : « أن الصلاة مفتاحها التكبير ، أو أنها يفتتح بالتكبير ويختم بالتسليم » (١) ومعناه أن الإتيان بشيء من القواطع بعد الافتتاح يوجب انقطاع الصلاة وبطلانها. والذي يدلنا على أن المراد بالتحليل والتحريم هو الحرمة والحلية الوضعيتان ، أن المراد بهما لو كان هو الحرمة والحلية التكليفيتان لم يفرق في ذلك بين النافلة والفريضة ، لأن إطلاق الروايات كما تشمل الثانية أيضاً تشمل الاولى فالتكبيرة محرّمة في النوافل والفرائض والتسليمة محلّلة. مع أنّ النوافل غير محرّم قطعها بلا إشكال.
فعلى ما ذكرنا لو قلنا بوجوب إتمام الصلاة وحرمة قطعها فلا بد من الاستناد فيهما إلى الإجماع المدعى. إذن فالنتيجة أيضاً التخيير لأن الإجماع دليل لبي يقتصر فيه على المقدار المتيقن ، والمتيقن من وجوب إتمام الصلاة ووجوب المبادرة إلى الإزالة إنما هو غير صورة المزاحمة ، فالمبادرة إلى الإزالة إنما نعلم بوجوبها فيما إذا يكن المكلف في
__________________
(١) الوسائل ٦ : ١٠ / أبواب تكبيرة الإحرام والافتتاح ب ١ ح ٧ وفيه أوّل الحديث وفي ص ٤١٥ / أبواب التسليم ب ١ ح ٢.