وبيانه يتوقف على التكلم فيما هو الضابط الكلي في نظائر المقام فنقول : إن المحتمل في أمثال المقام بحسب مرحلة الثبوت أمران ، لأنّ الغرض الداعي إلى إيجاب العمل لا يخلو إمّا أن يكون قائماً بالعمل الصادر من نفس المكلف بالمباشرة ، ولا فائدة حينئذ في إعلامه الغير لأنّ العمل الصادر من غيره غير محصل للغرض ، حيث إنه إنما يقوم بالعمل الصادر منه بالمباشرة وهو مباين مع العمل الصادر من غيره ، وإما أن يكون الغرض قائماً بالطبيعي الجامع بين العمل الصادر منه أو من غيره ، وفي هذه الصورة إذا تمكن المكلف من تحصيل ذلك الغرض الملزم بمباشرة نفسه وجب لأن التكليف متوجه إليه ومع العجز عنه يجب أن يحصّل غرض المولى بتسبيبه وإعلامه الغير لأن الغرض الملزم لا يرضى المولى بفواته بحال.
وأما بحسب مرحلة الإثبات فالاحتمالات ثلاثة ، لأنه إما أن يعلم أن المورد من القسم الأوّل ، وإما أن يعلم أنه من القسم الثاني ، وإما أن يشك في ذلك. فان علم أنه من القسم الأوّل فلا يجب إعلام الغير به عند عجز المكلف عن إصداره بالمباشرة. وإذا علم أنه من القسم الثاني يجب على المكلف إعلام غيره تحصيلاً للغرض الذي لا يرضى المولى بفواته بحال.
وأما إذا شك في أنه من القسم الأول أو الثاني بأن لم يكن للكلام ظهور في أحدهما وقد ذكرنا في محله أن ظهور الأمر يقتضي المباشرة فأصالة البراءة عن وجوب الإعلام محكّمة. هذا كله في كبرى المسألة ، وأمّا ما نحن فيه فهو من قبيل القسم الثاني وذلك لضرورة أن إزالة النجاسة عن المسجد كما تتحقق بالمباشرة كذلك تتحقق بالتسبيب بايكالها إلى الغير ، كما إذا أمر عبده بإزالتها أو استأجر أحداً لذلك فان الغرض إنما هو تطهير المسجد ولو كان ذلك بفعل مجنون أو صبي ، وليس الغرض الملزم قائماً بالعمل المباشري ، وإنما يقوم بطبيعي الإزالة وقد عرفت أنّ المكلف في مثله إذا تمكّن من إصدار العمل المأمور به بنفسه يجب أن يتصدى له بالمباشرة ، وإذا عجز عن ذلك فلا بد من إعلامه الغير تحصيلاً للغرض الملزم.
ثم إنّ محتملات الاعلام أيضاً ثلاثة ، وذلك لأنّ المكلّف تارة يعلم أنّ الغير