بحالها ولا يطرأ عليها نقص بتطهيره. وأُخرى ينعكس الأمر فلا يتوقف تطهير الكتاب على بذل الأُجرة عليه إلاّ أن قيمته تنقص بتطهيره ، كما إذا كان مكتوباً على الورق بالحبر المذهّب أو المفضّض على نحو يزول بوصول الماء إليه ، فإن قيمة مثله تنقص عما كانت عليه قبل تطهيره ولكن غسل الورق لسهولته لا يحتاج إلى بذل الأُجرة عليه ولا سيما إذا كان الماء قريباً.
وثالثة : يتوقّف تطهيره على بذل الأُجرة عليه كما أن قيمته تنقص بذلك. وهناك صورة أُخرى وهي أن يلزم النقص في قيمة الكتاب بنفس تنجيسه مع قطع النظر عن غسله وتطهيره ، بأن يكون للكتاب الطاهر قيمة وللكتاب المتنجس قيمة أُخرى إلاّ أنها أقل من قيمة الطاهر في السوق لقلة الراغب في المصحف المتنجس لاحتياجه إلى غسله وهو ينقص قيمة الكتاب وإذا كان الأمر كذلك فالمنجّس بتنجيسه مصحف الغير قد أتلف وصفاً من أوصافه الكمالية وهو كونه طاهراً وبه نقصت قيمته الفعلية عما كان يبذل بإزائه لولا نجاسته.
أمّا الأُجرة التي يتوقّف عليها تطهير الكتاب فلا يحكم بضمانها على من نجّسه ، فإنّ الضمان في أمثال المقام أعني غير المعاملات والديون إنما يثبت بأحد أمرين : الإتلاف والاستيلاء على مال الغير المعبّر عنه بضمان اليد ، ولم يتحقق في مقامنا هذا شيء منهما لأنّ المنجّس لم يستول على مصحف الغير بتنجيسه كما أنه لم يتلفه على مالكه ، وأما لزوم إعطاء الأُجرة على التطهير فهو إنما يستند إلى حكم الشارع بوجوب إزالة النجاسة دون من نجّس المصحف. نعم ، المنجّس قد أوجد الموضوع ولم يقم دليل على أن إيجاد الموضوع الذي يسبب حكم الشارع بإتلاف المباشر ماله بالاختيار موجب للضمان. ومن هنا لو ألقى الظالم حراً في البالوعة أو حبسه في داره وقفلها عليه فوجد بذلك الموضوع لوجوب حفظ النفس المحترمة على المكلفين ، واحتاج إنقاذها إلى صرف مقدار من المال في سبيله لم يكن ضمانه على حابسه ، لعدم استناد الإتلاف إلاّ إلى من باشر الإنقاذ بالاختيار.
ونظيره ما إذا تزوّج المعسر وولد أولاداً وهو عاجز عن نفقتها فإنه أوجد بذلك