الحرام فان اشترط استعمالها في الجهة المحرمة في ضمن المعاملة والبيع فلا إشكال في فساد الشرط لأنه على خلاف الكتاب والسنة ، وهل يبطل العقد أيضاً بذلك؟ يبتني هذا على القول بإفساد الشرط الفاسد وعدمه وقد قدّمنا الكلام في تلك المسألة في محلِّها (١) ولا نعيد.
وأمّا إذا لم يشترط في ضمن عقد البيع ولكنّا علمنا من الخارج أن المشتري سوف يصرفه في الجهة المحرمة باختياره وإرادته فلا يبطل بذلك البيع ، حيث لا دليل عليه كما لا دليل على حرمته التكليفية وإن كان بيعها مقدمة لارتكاب المشتري الحرام وذلك لأن البائع إنما باعه أمراً يمكن الانتفاع به في كلتا الجهتين أعني الجهة المحللة والمحرّمة ، والمشتري إنما صرفه في الجهة المحرمة بسوء اختياره وإرادته ، وهو نظير بيع السكين ممن نعلم أنه يجرح به أحداً أو يذبح به شاة غيره عدواناً أو يرتكب به أمراً محرماً آخر ما عدا قتل النفس المحترمة ومقدماته ولا إشكال في جوازه.
هذا بل قد صرح أئمتنا ( عليهم أفضل السلام ) في جملة من رواياتهم بجواز بيع التمر ممن يعلم أنه يصنعه خمراً (٢) ، وقد أسندوا ذلك إلى أنفسهم في بعضها (٣) ، وبيّنا في محلِّه أنّ إيجاد المقدّمة المشتركة بين الجهة المحللة والمحرمة لو حرم في الشريعة المقدسة لحرمت جملة كثيرة من الأُمور التي نقطع بحليتها كإجارة الدار مثلاً ، فان لازم ذلك الالتزام بحرمتها مطلقاً للعلم العادي بأن المستأجر يرتكب أمراً محرّماً في الدار ولو بسبّ زوجته أو بكذبه أو بشربه الخمر إلى غير ذلك من المحرّمات مع وضوح جواز إجارة الدار ممن يشرب الخمر وغيره ، وكسوق السيارة أو السفينة ونحوهما للعلم الإجمالي بأنّ بعض ركّابها قصد الفعل الحرام من السعاية أو الظلم أو القمار أو غيرها من المحرمات ولا سيما في بعض البلاد كطهران وبغداد.
__________________
(١) مصباح الفقاهة ٧ : ٣٥١.
(٢) الوسائل ١٧ : ٢٣٠ / أبواب ما يكتسب به ب ٥٩ ح ٥.
(٣) كما في رواية أبي كهمس وصحيحة رفاعة المرويتين في الوسائل ١٧ : ٢٣٠ / أبواب ما يكتسب به ب ٥٩ ح ٦ ، ٨.