العين النجسة مضرة لهم كما في شرب الأبوال لأنها على ما يقولون من السموم فلا محالة يكون التسبيب إلى شربها أو أكلها إضراراً بهم وهو حرام ، فالتسبيب حينئذ إلى شرب الأعيان النجسة أو أكلها مما لا ينبغي الإشكال في حرمته بلا فرق في ذلك بين الولي وغيره من المسلمين.
وأما الردع والإعلام فأيضاً لا كلام في وجوبهما على الولي ، لأنه مأمور بالتحفظ على الصبي مما يرجع إلى نفسه وماله ، فيجب عليه ردع من يتولى أمره عن شرب العين النجسة وأكلها ، وأما بالإضافة إلى غير الولي فإن كان الضرر المستند إلى شرب النجس أو أكله بالغاً إلى الموت والهلاك أو كان المورد مما اهتم الشارع بعدم تحققه في الخارج كما عرفته في شرب المسكرات فلا إشكال أيضاً في وجوب الردع ، إلاّ أن ذلك وسابقه غير مختصين بالنجاسات لأن الإضرار بالمؤمن ومن في حكمه حرام مطلقاً ، كما أن الردع عما يوجب القتل والهلاك أو ما اهتم الشارع بعدم تحققه في الخارج من الوظائف الواجبة في جميع الموارد ، مثلاً يجب ردع الصبي عن السباحة في المياه التي لو وردها غرق أو عن أكل الطعام المباح الذي لو أكله هلك.
وأما إذا لم يكن الضرر بتلك المرتبة ، كما إذا كان أكل النجس أو شربه مؤدياً إلى وجع الرأس أو حمى يوم ونحوه ولم يكن العمل مما اهتم الشارع بعدم تحققه ، فلم يقم دليل على وجوب الردع والإعلام بالإضافة إلى غير الولي ، لأنّ مجرّد علمه بترتّب ضرر طفيف على شرب الصبي النجس أو أكله لا يوجب الردع في حقه ، وإنما يدخل ذلك في عنوان الإرشاد ولا دليل على وجوبه ، ومعه يكون الردع مجرّد إحسان ولا إشكال في حسنه عقلاً وشرعاً. وإنما يجب على الولي لا لأجل وجوب الردع والإعلام بل لوجوب حفظ الأطفال على الأولياء.
هذا كله فيما إذا كان شرب النجس أو أكله مضراً للأطفال ، وأما إذا لم يكن ضرر في أكله وشربه فلا موجب لحرمة التسبيب حينئذ ، لما عرفت من عدم دلالة الدليل على حرمته في غير المكلفين وإنما استفدنا حرمته بالإضافة إلى المكلفين من إطلاق أدلّة المحرّمات. وأما غير المكلفين من المجانين والصبيان فحيث لا تشمله المطلقات فلا محالة يصدر الفعل منه على الوجه المباح ولا يحرم التسبيب إلى المباح فضلاً عن أن