الواقعي أو بالاشتراط ، إلاّ أن جهله هذا معذّر له لأنه جهل قصوري ، فإنه فحص وعجز عن الوصول إلى الواقع واعتمد على الأُصول المقررة للجاهلين.
وقد لا يكون الجهل عذراً للمكلف لاستناده إلى تقصيره عن السؤال أو عدم فحصة عن الدليل ويعبّر عنه بالجاهل المقصّر. أما إذا صلّى في النجس عن جهل تقصيري غير عذر فالصحيح أن صلاته باطلة وتلزمه إعادتها في الوقت أو خارجه وذلك لأنه مقتضى إطلاق ما دلّ على بطلان الصلاة مع النجس ولا يمنع عن ذلك حديث لا تعاد (١) بناء على اختصاصه بالطهارة الحدثية ، لأن الحديث بإطلاقه وإن كان يشمل المقصّر في نفسه لعدم كون النجاسة الخبثية من الخمسة المستثناة في الحديث ، إلاّ أن هناك مانعاً عن شموله له وهو لزوم تخصيص أدلة المانعية بمن صلّى في النجس عن علم وعمد لما يأتي من عدم شمولها الناسي والجاهل القاصر ، لحديث لا تعاد وهو من التخصيص بالفرد النادر بل غير المتحقق ، حيث إن المكلف إذا علم بنجاسة النجس والتفت إلى اشتراط الصلاة بعدمها في الثوب والبدن لم يعقل أن يقدم على الصلاة فيه إلاّ إذا أراد اللعب والعبث ، كيف ولا يتمشى منه قصد التقرب لعلمه بعدم تعلق الأمر بالصلاة في النجس وعدم كفايتها في مقام الامتثال إلاّ على نحو التشريع الحرام هذا.
ويمكن أن يقال بعدم شمول الحديث للجاهل المقصّر في نفسه مع قطع النظر عن المحذور المتقدم آنفاً وذلك لأن الجاهل المقصر على قسمين : لأنه قد يحتمل بطلان عمله كما يحتمل صحته ومع ذلك لا يسأل عن حكمه وكيفياته ، بل يأتي بالعمل بداعي أنه إن طابق المأمور به الواقعي فهو وإلاّ فهو غير قاصد للامتثال رأساً لعدم مبالاته بالدين ، وقد يكون الجاهل غافلاً عن اعتبار الطهارة في ثوبه وبدنه فلا يشك في صحة عمله بل يأتي بالصلاة في النجس كما يصلي العالم بصحتها.
أما الجاهل المردد في صحة عمله وفساده فلا شك في عدم شمول الحديث له ، لأنّ
__________________
(١) وهو ما رواه الصدوق بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود » الوسائل ١ : ٣٧١ / أبواب الوضوء ب ٣ ح ٨ وكذا في ٥ : ٤٧١ / أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١٤.