إليها ومبيّن لمقدار دلالتها ، حيث دلّ على أن الإخلال بشيء منهما إذا لم يكن عن علم أو جهل تقصيري لا يقتضي البطلان ، إلاّ أنه لا يمكن أن يكون حاكماً على حسنة عبد الله بن سنان المتقدِّمة (١) التي دلّت على وجوب الإعادة في من علم بإصابة الجنابة أو الدم ثوبه قبل الصلاة ثم صلّى فيه وذلك لوحدة لسانهما ، لأنّ لسان الحسنة إثبات الإعادة بقوله : « فعليه أن يعيد » كما أن لسان الحديث نفي الإعادة بقوله « لا تعاد » فمورد النفي والإثبات واحد كما أن لسان يعيد ولا تعاد لسانان متنافيان ، فهما من المتعارضين والنسبة بينهما إما هي العموم المطلق نظراً إلى أن الحديث ينفي الإعادة مطلقاً والحسنة تثبتها في خصوص العالم بموضوع النجاسة قبل الصلاة ، فتخصص الحديث ولأجلها يحكم بوجوب الإعادة على الجاهل القاصر لعلمه بموضوع النجاسة وإنما لا يعلم حكمها أو لا يعلم الاشتراط ، وإما أنّ النسبة هي العموم من وجه لاختصاص الحديث بغير العالم المتعمد فالحديث يقتضي وجوب الإعادة في من علم بموضوع النجاسة وحكمها والحسنة لا تعارضه ، كما أن الحسنة تنفي الإعادة بمفهومها ممن جهل بموضوع النجاسة وحكمها والحديث لا يعارضها ، وإنما يتعارضان في من علم بموضوع النجاسة وجهل بحكمها لأن الحسنة تثبت الإعادة فيه والحديث ينفيها ومع المعارضة والتساقط لا بد من الرجوع إلى إطلاقات أدلة المانعية وهي تقتضي بطلان الصلاة في النجس ووجوب الإعادة فيما نحن فيه.
والجواب عن ذلك : أن وزان الحسنة وزان غيرها من أدلة الأجزاء والشرائط والحديث كما أنه حاكم على تلك الأدلة كذلك له الحكومة على الحسنة ، والوجه فيه ما ذكرناه غير مرة من أن الأمر بالإعادة إرشاد إلى الجزئية أو الشرطية أو المانعية ، كما أن نفيها إرشاد وحكاية عن عدم الجزئية والشرطية والمانعية ، وليست الأوامر الواردة في بيان الأجزاء والشرائط ظاهرة في الأمر المولوي ، وعليه فالأمر بالإعادة في الحسنة إرشاد إلى شرطية طهارة الثوب والبدن ، أو إلى مانعية نجاستهما في الصلاة كما هو الحال في غيرها مما دلّ على جزئية شيء أو شرطيته ، إما بالأمر بالإعادة
__________________
(١) في ص ٣١٥.