النجس ، فهي إذن من أدلة القول باعتصام الماء القليل ولا دلالة لها على عدم نجاسة شعر الخنزير بوجه ، وعليه فالأخبار الدالة على نجاسته بلا معارض.
ومنها : رواية أُخرى لزرارة قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن جلد الخنزير يجعل دلواً يستقى به الماء؟ قال : لا بأس » (١) ويرد على الاستدلال بها أن ظاهرها السؤال عن حكم الانتفاع بجلد الخنزير ، وغاية ما يستفاد منها أن الانتفاع به بالاستقاء أمر غير محرم شرعاً كما إذا كان الاستقاء للدواب ولا دلالة لها على طهارة جلده بوجه ، ويحتمل أن يكون السؤال عن انفعال ماء البئر بملاقاة جلد الخنزير النجس ، فنفيه عليهالسلام البأس يرجع إلى عدم انفعال مائها لا إلى طهارة جلد الخنزير ، ومع الإغضاء عن ذلك كله وفرض أن السؤال فيها إنما هو عن حكم الماء القليل وجواز استعماله فيما يشترط فيه الطهارة أيضاً لا مجال للاستدلال بها في المقام ، لأنّ الرواية حينئذ من أدلة عدم انفعال الماء القليل وقد تقدم الجواب عنها في بحث المياه (٢).
ومنها : خبر الحسين بن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث قال « قلت له : شعر الخنزير يعمل حبلاً ويستقى به من البئر التي يشرب منها أو يتوضأ منها؟ فقال : لا بأس به » (٣) ولا يمكن الاستدلال بهذه الرواية أيضاً لأنّ ظاهرها بقرينة تأنيث الضمير والتوصيف بكلمة « التي » ، عدم البأس بالشرب والتوضؤ من البئر المذكورة في الحديث فهي ناظرة إلى عدم انفعال ماء البئر بملاقاة النجس وأجنبية عن الدلالة على طهارة شعر الخنزير رأساً. على أن الرواية ضعيفة لعدم توثيق الحسين بن زرارة في الرجال ، حيث إنّ مجرّد دعاء الإمام عليهالسلام في حقّه (٤) لا يدل على وثاقته.
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧٥ / أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ١٦.
(٢) لاحظ شرح العروة ٢ : ١٢٠.
(٣) الوسائل ١ : ١٧١ / أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٣ ، وكذا في ٢٤ : ١٨٠ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٣٣ ح ٤.
(٤) رجال الكشي : ١٣٩ / ٢٢١.