أثنائها ، وقد يستدل على ذلك بفحوى الأخبار الواردة في صحة الصلاة الواقعة مع النجاسة المجهولة ، لأن الصلاة الواقعة في النجس بتمامها إذا كانت صحيحة فالصلاة الواقعة في النجس ببعضها صحيحة بالأولوية القطعية. وأما الأجزاء المتأخرة عن آن الالتفات فهي واجدة لشرطها ، لأن المفروض أن المكلف يزيل النجاسة في أثناء الصلاة ، وأما الآنات المتخللة فقد مرّ أن النجاسة فيها غير مانعة عن صحة الصلاة.
وبذلك يظهر الحال في الصورة الثانية لأن الأولوية القطعية أيضاً تقتضي فيها الحكم بصحة الصلاة كما عرفت تقريبها.
وهذا الذي أُفيد وإن كان صحيحاً في نفسه إلاّ أن الأخبار الواردة في المسألة مطبقة على بطلان الصلاة في مفروض الكلام :
منها : صحيحة زرارة المتقدمة حيث قال : « لأنك لا تدري لعله شيء أوقع عليك » فإنه يدل على أن الصلاة إنما يحكم بصحتها مع رؤية النجس فيما إذا احتمل طرو النجاسة في أثنائها ، وأما مع العلم بطروها قبل الصلاة فلا.
ومنها : صحيحة محمد بن مسلم المتقدِّمة الواردة في الرجل يرى في ثوب أخيه دماً وهو يصلي؟ قال : لا يؤذنه حتى ينصرف (١) لدلالتها على أن العلم بالنجاسة الحاصل باعلام الغير في أثناء الصلاة يوجب البطلان.
ومنها : صحيحته الأُخرى عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « ذكر المني فشدّده فجعله أشد من البول ، ثم قال : إن رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك إعادة الصلاة ، وإن أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت فيه ثم رأيته بعد فلا إعادة عليك ، فكذلك البول » (٢) فقد دلّت على بطلان الصلاة في النجاسة الواقعة قبلها ، لأن ذكر المني قرينة على حدوثه قبل الصلاة لبعد ملاقاته الثوب في أثنائها.
ومنها : ما عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام « في رجل صلّى في ثوب
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٧٤ / أبواب النجاسات ب ٤٠ ح ١ وقد تقدّمت في ص ٣٢٩.
(٢) الوسائل ٣ : ٤٧٨ / أبواب النجاسات ب ٤١ ح ٢ وقد تقدّمت في ص ٣٢٨.