الوقت لا يسع لإعادتها مع الثوب الطاهر ، وأما إذا بنينا على ما بنى عليه جماعة وقوّيناه في محلِّه (١) من وجوب الصلاة في الثوب النجس عند عدم التمكّن من الثوب الطاهر فلا موجب لاستئناف الصلاة بل يتمها في ثوبه المتنجس ، والسر في ذلك أن الأخبار المتقدِّمة كصحيحتي زرارة ومحمد بن مسلم وغيرهما مما دلّ على بطلان الصلاة الواقعة في النجس السابق عليها واستئنافها تنصرف إلى صورة التمكّن من إعادتها في وقتها مع طهارة الثوب أو البدن ، وأما مع العجز عن ذلك لضيق الوقت فلا معنى للحكم ببطلانها واستئنافها ، لأنه لو استأنفها أيضاً يصلِّي في الثوب النجس فالمستأنفة كالمبتدأة ، والأخبار المتقدمة غير شاملة لصورة العجز عن إيقاع الصلاة في وقتها مع الطهارة ، ومعه يرجع إلى ما تقتضيه القاعدة وقد بيّنا في أوائل المسألة أن مقتضى القاعدة صحة الصلاة في النجس مع الجهل. وعليه فالصلاة في الصورة الثالثة محكومة بالصحة فيما إذا لم يسع الوقت لإعادتها في الوقت مع الطهارة كما حكم به في المتن هذا كله في الصورة الثالثة.
وأمّا الصورة الثانية : وهي ما إذا انكشف وقوع النجاسة على ثوبه أو بدنه بعد دخوله في الصلاة وقبل الالتفات إليها بأن علم وقوع جملة من الأجزاء المتقدمة في النجس ، فهل تلتحق بالصورة الأُولى فيحكم بصحة الصلاة ووجوب الإزالة في أثنائها ، أو تلتحق بالصورة الثالثة فيحكم ببطلانها واستئنافها مع الطهارة؟
ظاهر عبارة الماتن التحاقها بالثالثة ، حيث إن الصورتين مندمجتان في قوله : « فان علم سبقها وأنّ بعض صلاته وقع مع النجاسة » وحكم فيهما ببطلان الصلاة عند سعة الوقت للإعادة ، ولعل الوجه فيه أن العبرة في الحكم ببطلان الصلاة ووجوب الإعادة عند الماتن قدسسره إنما هي بوقوع بعض الصلاة مع النجس بلا تفرقة بين كون الأجزاء المتقدمة على زمان الالتفات واقعة في النجس بتمامها وبين ما إذا كانت واقعة فيه ببعضها ، إلاّ أن ظاهر الأصحاب التحاقها بما إذا علم بحدوث النجاسة في أثناء الصلاة من دون أن يقع شيء من الأجزاء السابقة مع النجس ، وقد عرفت صحّة
__________________
(١) في ص ٣٦٤.