دون بعضه فلا يتحقق معه الاضطرار إلى ترك الواجب ، حيث إنّ الأمر إنما يتعلق بالطبيعي الجامع بين أفراده العرضية والطولية ، ومع التمكّن من إيجاده في ضمن أيّ فرد مشتمل على شرائطه وأجزائه لا يتحقّق الاضطرار إلى ترك المأمور به ، فهو من الاضطرار إلى ترك فرد من أفراد الواجب لا إلى ترك المأمور به ، والفرق بينهما من الوضوح بمكان.
نعم ، إذا اعتقد بقاء اضطراره أو استصحب بقاءه إلى آخر الوقت جاز له البدار ، إلاّ أنه لا يجزئ عن المأمور به الواقعي فيما إذا ارتفع عذره في أثناء وقت الواجب كما عرفت. فما تضمّنته الموثقة هو الذي تقتضيه القاعدة ، فسواء كانت هناك رواية أم لم تكن لا مناص من الالتزام بمضمونها ، فوجود الموثقة وعدمها سيان ، إلاّ أنّا مع ذلك لا نلتزم بوجوب الإعادة في المقام وذلك لحديث لا تعاد ، حيث دلّ على أن الطهارة الخبثية لا تعاد منها الصلاة ، وقد مرّ أن الحديث يشمل الناسي والجاهل كليهما والمكلف في المقام حيث إنه جاهل باشتراط الطهارة الخبثية في صلاته فإنه بادر إلى الصلاة في ثوبه المتنجس بالاستصحاب أو باعتقاد بقاء عذره إلى آخر الوقت فهو لا يعلم باشتراط الطهارة في صلاته فلا تجب عليه إعادتها بالحديث. وأما الموثقة فهي أجنبية عما نحن فيه حيث إن موردها تيمم المكلف للصلاة بدلاً عن الجنابة أو الوضوء مع عدم اضطراره إليه واقعاً لفرض أنه وجد الماء قبل انقضاء وقت الصلاة ، وقد عرفت أن مقتضى القاعدة فيه بطلان الصلاة ووجوب الإعادة بعد ارتفاع الاضطرار ، ولا دليل على أن ما أتى به مجزئ عن المأمور به ، وحديث لا تعاد لا ينفي الإعادة من الإخلال بالطهارة من الحدث حيث إنها مما تعاد منه الصلاة ، وهذا بخلاف المقام لعدم الإخلال فيه إلاّ بالطهارة من الخبث وهي مما لا تعاد منه الصلاة. وعلى الجملة أن الفارق بين المقام وبين مورد الموثقة قيام الدليل على الإجزاء فيما نحن فيه وهو حديث لا تعاد بخلاف مورد الموثقة كما عرفت.
بقي شيء : وهو أن الموثقة إنما وردت في من تيمم ولم يكن فاقداً للماء في تمام وقت الصلاة وإنما كان فاقداً له في بعضه ، وهذا هو الذي قلنا إن القاعدة تقضي فيه بوجوب الإعادة وبطلان الصلاة ، لأن المدار في صحة التيمم على الفقدان في تمام الوقت دون بعضه ، بل قلنا لا مسوّغ فيه للبدار إلاّ أن يستند إلى ترخيص ظاهري أو تخيلي وهما