المتيقنة حال كونه علقة لكونها دماً والدم نجس ، كما اعتمد عليه بعضهم في الحكم بنجاسة أولاد الكفار وبه حكم بنجاسة ولد الكافر وإن لم يكن كافراً ، فهذا الوجه لو تم فكما يجري في المتولد من النجسين كذلك يجري فيما إذا كان أحد أبويه نجساً دون الآخر ، وذلك للعلم بنجاسته حال كونه علقة ، بل يكون كتأسيس أصل كلي في جميع الحيوانات فيحكم بنجاسة كل حيوان لسبقه بالنجاسة حال كونه علقة إلاّ ما خرج بالدليل. إلاّ أنه غير تام وذلك أمّا أوّلاً : فلعدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية الإلهيّة في نفسه على ما مرّ منّا غير مرّة ، وأمّا ثانياً : فلعدم بقاء موضوعه ، لأنّ ما علمنا بنجاسته إنما هو الدم وما نشك في نجاسته هو الحيوان وأحدهما غير الآخر ومعه لا مجرى للاستصحاب بوجه.
هذا كله إذا أُريد به استصحاب نجاسته المتيقنة حال كونه دماً ، وأما إذا أُريد به استصحاب نجاسته المتيقنة حال كونه مضغة بدعوى أن المضغة تابعة لُامّها ومعدودة من أجزائها والمفروض نجاسة أُمّه بما لها من الأجزاء ، فحيث إنّه مقطوع النجاسة سابقاً ونشك في بقائها وارتفاعها بعد تولده فالأصل يقتضي الحكم ببقائه على نجاسته ففيه أوّلاً : أنّه لو تم لجرى في المتولِّد من الام النجس أيضاً وإن كان أبوه طاهراً. وثانياً : أنّه من استصحاب الحكم الكلي وقد عرفت عدم جريانه في الأحكام الكلية الإلهيّة.
وثالثاً : أنّ المضغة غير تابعة لُامّها ولا هي معدودة من أجزائها ، وإنما هي موجودة بوجود مستقل متكوِّنة في جوف أُمّها ، فجوفها محل للمضغة لا أنّها من أجزاء أُمّها. نعم ، لو كانت المضغة وهي المتشكلة بشكل الحيوان قبل أن تلج فيها الروح صورة كلب أو خنزير لحكمنا بنجاستها لكونها كلباً أو خنزيراً لا من جهة عدّها من أجزاء أُمّها إلاّ أنه خلاف مفروض الكلام ، فان الكلام إنما هو فيما إذا كانت المضغة بصورة غيرهما من الحيوانات ومعه لا وجه للحكم بنجاستها. ونجاسة المضغة عندنا وإن كانت مستندة إلى كونها جيفة إلاّ أنها إنما تصدق على المضغة فيما إذا انفصلت من أُمها فما دامت في جوفها لا تطلق عليها الجيفة بوجه.
فالمتحصل أن المضغة لم تثبت نجاستها حتى يحكم على المتولد من الكلب والخنزير