الناصب بل هو أنجس من المشرك على بعض الوجوه ، ففي موثقة ابن أبي يعفور « فانّ الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب ، والناصب لنا أهل البيت لأنجس منه » (١).
كما أنه ينبغي الجزم بنجاسة غير المشرك من الكفار فيما إذا التزم بما هو أسوأ وأشد من الشرك في العبادة كإنكار وجود الصانع رأساً ، لأن المشركين غير منكرين لوجوده سبحانه وإنما يعبدون الأصنام والآلهة ليقربوهم إلى الله زلفى ، ويعتقدون أن الموت والحياة والرزق والمرض وغيرها من الأُمور الراجعة إلى العباد بيد هؤلاء الشفعاء ومن البديهي أن إنكار وجوده تعالى أسوأ من ذلك وأشد فهو أولى بالحكم بالنجاسة من المشرك بالضرورة.
وأمّا غير هذه الفرق الثلاث من أصناف الكفار كأهل الكتاب فقد وقع الخلاف في طهارتهم وهي التي نتكلّم عنها في المقام ، فقد يستدل على نجاسة الكافر بجميع أصنافه بقوله عزّ من قائل ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا ) (٢) بتقريب أن الله سبحانه حكم بنجاسة المشركين وفرّع عليها حرمة قربهم من المسجد الحرام ، وذلك لأن النجس بفتح الجيم وكسره بمعنى النجاسة المصطلح عليها عند المتشرعة ، فإنّه المرتكز في أذهانهم وبهذا نستكشف أن النجس في زمان نزول الآية المباركة أيضاً كان بهذا المعنى المصطلح عليه ، لأن هذا المعنى هو الذي وصل إلى كل لاحق من سابقه حتى وصل إلى زماننا هذا ، وبما أن أهل الكتاب قسم
__________________
ونقل عن صاحب الكشاف عن ابن عباس أن أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير. وعن الحسن : من صافح مشركاً توضأ وقال هذا قول الهادي من أئمة الزيدية. ونسب القول بالنجاسة في فتح الباري ج ١ ص ٢٦٩ إلى أهل الظاهر. وممن صرح بالنجاسة ابن حزم في المحلى ج ١ ص ١٢٩ ١٣٠ وتعجب عن القول بطهارة المشركين قائلاً : ولا عجب في الدنيا أعجب ممن يقول فيمن نصّ الله تعالى أنهم نجس : إنهم طاهرون ثم يقول في المني الذي لم يأت قط بنجاسته نص : إنه نجس ويكفي من هذا القول سماعه ونحمد الله على السلامة.
(١) الوسائل ١ : ٢٢٠ / أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ٥.
(٢) التوبة ٩ : ٢٨.