بلادهم مع الالتزام بأحكام الجزية والتبعية للمسلمين فحكمهم حكم المسلمين وغير ذلك مما يفترق فيه المشرك عن أهل الكتاب ، ومنه تبرّيه سبحانه من المشركين دون أهل الكتاب ، ومعه كيف يمكن أن يقال إن المراد من المشركين في الآية أعم من أهل الكتاب ، فان ظاهرها أن المشرك في مقابل أهل الكتاب.
فالإنصاف أن الآية لا دلالة لها على نجاسة المشركين فضلاً عن دلالتها على نجاسة أهل الكتاب ، إلاّ أنك عرفت أن نجاسة المشركين مورد التسالم القطعي بين أصحابنا قلنا بدلالة الآية أم لم نقل ، كما أن نجاسة الناصب ومنكري الصانع مما لا خلاف فيه وعليه فلا بد من التكلم في نجاسة غير هذه الأصناف الثلاثة من الكفار.
ويقع الكلام أولاً في نجاسة أهل الكتاب ثم نعقبه بالتكلم في نجاسة بقية الأصناف فنقول : المشهور بين المتقدِّمين والمتأخِّرين نجاسة أهل الكتاب بل لعلّها تعدّ عندهم من الأُمور الواضحة ، حتى أنّ بعضهم على ما في مصباح الفقيه ألحق المسألة بالبديهيات التي رأى التكلّم فيها تضييعاً للعمر العزيز (١) وخالفهم في ذلك بعض المتقدِّمين وجملة من محقِّقي المتأخِّرين حيث ذهبوا إلى طهارة أهل الكتاب. والمتبع دلالة الأخبار فلننقل أوّلاً الأخبار المستدل بها على نجاسة أهل الكتاب ثم نعقبها بذكر الأخبار الواردة في طهارتهم ليرى أيهما أرجح في مقام المعارضة.
فمنها : حسنة سعيد الأعرج « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن سؤر اليهودي والنصراني ، فقال : لا » (٢) ولا إشكال في سندها كما أن دلالتها تامّة ، لأنّ ظاهر السؤال من سؤرهم نظير السؤال عن سؤر بقية الحيوانات إنما هو السؤال عن حكم التصرف فيه بأنحاء التصرّفات ، وقد صرّح بالسؤال عن أكله وشربه في رواية الصدوق (٣) فراجع.
ومنها : صحيحة محمّد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن آنية
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٥٥٨ السطر ٢٦.
(٢) الوسائل ١ : ٢٢٩ / أبواب الأسآر ب ٣ ح ١ ، وكذا في ٣ : ٤٢١ / أبواب النجاسات ب ١٤ ح ٨.
(٣) الوسائل ٢٤ : ٢١٠ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٥٤ ح ١.