قدر الدرهم أو زاد عليه ، ففيما إذا كان الدم بقدره يرجع إلى عموم ما دلّ على مانعية النجس في الصلاة. وإما أن تكون مجملة لأن مفهوم الشرطية الاولى في الرواية أن الصلاة تجب إعادتها إذا لم يكن الدم أقل من مقدار الدرهم سواء أكان بقدره أم كان زائداً عليه ، كما أن مفهوم الشرطية الثانية أعني قوله : « وإن كان أكثر من قدر الدرهم ... » عدم وجوب الإعادة إذا لم يكن الدم بأكثر من مقدار الدرهم سواء أكان أقل منه أم كان مساوياً معه ، فالجملتان متعارضتان في الدم بقدر الدرهم ، وحيث إن تعارضهما بالإطلاق فيحكم بتساقطهما والرجوع إلى عموم مانعية النجس في الصلاة.
ومنها : حسنة محمد بن مسلم قال « قلت له : الدم يكون في الثوب عليَّ وأنا في الصلاة ، قال : إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصلّ في غيره ، وإن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم وما كان أقل من ذلك فليس بشيء رأيته قبل أو لم تره. وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيّعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه » (١) وقد قدّم في هذه الرواية بيان مانعية ما زاد عن الدرهم على بيان العفو عن الأقل منه على عكس الرواية المتقدمة ، ويأتي فيها أيضاً الاحتمالان المتقدمان فإنها إما أن تكون مهملة فيما هو بقدر الدرهم وإما أن تكون مجملة ، لعين ما قدمناه في الرواية السابقة وبعد تساقطهما بالمعارضة يرجع إلى عموم مانعية النجس ، فان ذكر أحد الأمرين مقدماً على الآخر لا تكون قرينة على المتأخر منهما. اللهمّ إلاّ أن يقال : المراد بالزائد على مقدار الدرهم في قوله : « ما لم يزد على مقدار الدرهم » هو مقدار الدرهم فما زاد كما احتمله صاحب الجواهر (٢) قدسسره لمعهودية إطلاق الزائد على شيء من المقادير وإرادة ذلك المقدار وما فوقه كما في قوله عزّ من قائل ( فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ) (٣).
هذا والذي يسهّل الخطب أن في المقام رواية ثالثة تقتضي مانعية ما كان بقدر الدرهم من الدم وهي قرينة على الروايتين المتقدمتين ، ومعها لا بد من الحكم بوجوب
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٣١ / أبواب النجاسات ب ٢٠ ح ٦.
(٢) الجواهر ٦ : ١١١.
(٣) النساء ٤ : ١١.