الموثقة على إرادة الدم من كل شيء ، بدعوى أن سياق الرواية يشهد بأن المراد بعموم كل شيء هو الأشياء التي يكون المنع من الصلاة فيها ناشئاً من حرمة الأكل ، بحيث لو كان حلال الأكل لكانت الصلاة فيها جائزة ، فمثل الدم والمني خارج عما أُريد بهذا العام لأن الحيوان لو كان محلل الأكل أيضاً لم تكن الصلاة في دمه أو منيه جائزة لنجاستهما ، فاذا لم يكن الدم ونحوه مشمولاً لعموم المنع من الابتداء بقيت أدلة العفو غير معارضة بشيء (١) هذا.
وما أفاده قدسسره ينبغي أن يعد من غرائب الكلام ، وذلك لأن للدم جهتين مانعتين عن الصلاة : إحداهما : نجاسته ومنجسيته للثوب والبدن. وثانيتهما : كونه من أجزاء ما لا يؤكل لحمه ، ولا يفرق في المانعية من الجهة الأُولى بين كون الدم مما يؤكل لحمه وكونه من غيره. وهذا بخلاف المانعية من الجهة الثانية لاختصاصها بما لا يؤكل لحمه ، كما أن المانعية من الجهة الثانية لا تتوقف على تحقق المانعية من الجهة الأُولى ومن هنا لو فرضنا الدم من غير المأكول طاهراً كما إذا ذبح وقلنا بطهارة الدم المتخلف في الذبيحة مما لا يؤكل لحمه أيضاً كان استصحابه في الصلاة مانعاً عن صحتها وإن لم يكن نجساً ولا مانع من الصلاة فيها من ناحية الطهارة إذا استصحبناه في الصلاة على نحو لم يلاق الثوب أو البدن فإنه أيضاً يوجب البطلان ، وليس ذلك إلاّ من جهة أن ما لا يؤكل لحمه مانع باستقلاله سواء أكان نجساً أم لم يكن. وهل يسوغ القول بمانعية الأجزاء الطاهرة مما لا يؤكل لحمه كالوبر والشعر حيث تصح فيهما الصلاة على تقدير حلية حيوانهما دون أجزائه النجسة؟ فإنه أمر غير محتمل بالوجدان ، كيف وقد دلّت الموثقة على مانعيّة ما لا يؤكل لحمه بجميع أجزائه النجسة والطاهرة. بل قد صرحت ببطلان الصلاة في روثة مع أن حال الروث حال الدم بعينه ، فمع شمول الموثقة له يقع التعارض بينها وبين أدلة العفو. والنتيجة عدم جواز الصلاة في دم غير المأكول كما مر. وكان الأولى على ما ذكرناه أن لا يعقّب الماتن استثنائه الدم مما لا يؤكل لحمه بقوله « على الأحوط » لأنه يوهم أن استثناء بقية المذكورات في كلامه أعني دم نجس
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٥٩٤ السطر ١٨.