ثم إن في المقام روايتين استدل بهما على كلا الطرفين : إحداهما : مرسلة جميل عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام أنهما قالا : « لا بأس أن يصلي الرجل في الثوب وفيه الدم متفرقاً شبه النضح ، وإن كان قد رآه صاحبه قبل ذلك فلا بأس به ما لم يكن مجتمعاً قدر الدرهم » (١) ولكنها لإرسالها ضعيفة غير قابلة للاستدلال بها. وثانيتهما : صحيحة ابن أبي يعفور في حديث قال « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به ، ثم يعلم فينسى أن يغسله فيصلِّي ، ثم يذكر بعد ما صلّى ، أيعيد صلاته؟ قال : يغسله ولا يعيد صلاته ، إلاّ أن يكون مقدار الدرهم مجتمعاً فيغسله ويعيد الصلاة » (٢) فالدم الذي تجب إزالته هو ما كان قدر الدرهم مجتمعاً أو ما كان مجتمعاً قدر الدرهم كما في الروايتين.
والمحتملات في هذه الجملة : « إلاّ أن يكون مقدار الدرهم مجتمعاً » أربعة :
الأوّل : أن يكون قدر الدرهم إسماً ليكون ومجتمعاً خبره.
الثاني : أن يكون مقدار الدرهم خبراً ليكون واسمها الدم المحذوف في الكلام ومجتمعاً خبر بعد خبر ، والمعنى حينئذ إلاّ أن يكون الدم قدر الدرهم ويكون مجتمعاً ، والنتيجة في هاتين الصورتين واحدة وهي دلالتها على أن المانع يعتبر فيه أمران : أحدهما أن يكون الدم بقدر الدرهم. وثانيهما أن يكون مجتمعاً ، فالدم المشتمل على هاتين الصفتين تجب إزالته ، فلا تترتب المانعية على الدم الذي ليس بقدر الدرهم وإن كان مجتمعاً أو ما كان بقدره ولم يكن مجتمعاً فالدم المتفرق لا عبرة به ولو كان بقدر الدرهم.
الثالث : أن يكون قدر الدرهم خبراً ليكون ومجتمعاً حالاً وهذا له صورتان : إحداهما : أن يكون مجتمعاً حالاً من الدم الذي هو اسم ليكون ، والمعنى حينئذ إلاّ أن يكون الدم مقدار الدرهم حال كونه أي الدم مجتمعاً ونتيجتها عدم العبرة بالدم المتفرق وإن كان بقدر الدرهم كما في الصورتين السابقتين. وثانيتهما : أن يكون مجتمعاً
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٣٠ / أبواب النجاسات ب ٢٠ ح ٤.
(٢) الوسائل ٣ : ٤٣٠ / أبواب النجاسات ب ٢٠ ح ١.