بشبهه من الرعاف ينضحه ولا يغسله » (١) لدلالتها على أن دم الرعاف إذا كان نقطاً وشبيهاً بدم البراغيث لم يمنع من الصلاة سواء أكانت النقط على تقدير اجتماعها بمقدار الدرهم فما زاد أم لم تكن ، ومقتضاها أن العبرة بكون الدم بمقدار درهم فما زاد مجتمعاً وأما المتفرق منه فهو ليس بمانع ولا تجب إزالته ولو كان على تقدير الاجتماع بقدر الدرهم فما زاد.
والجواب عن ذلك أن الرواية غير شاملة لما إذا كانت النقط بالغة بمقدار الدرهم على تقدير الاجتماع ، وذلك لأن دم البرغوث في الثياب لا يكون على الأغلب المتعارف بمقدار الدرهم على تقدير اجتماعه ، فالمشبه به أعني دم الرعاف أيضاً لا بدّ أن يكون كذلك ، حيث دلت الصحيحة على العفو عما يشابه دم البراغيث فهي منصرفة عن صورة بلوغ دم البراغيث أو الرعاف إلى حد الدرهم ولو على تقدير الاجتماع ، هذا.
ثم لو سلّمنا عدم انصرافها وقلنا بشمولها لما إذا كانت النقط بمقدار الدرهم على تقدير الاجتماع ، فهي معارضة بحسنة محمد بن مسلم قال « قلت له : الدم يكون في الثوب عليَّ وأنا في الصلاة ، قال : إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصلّ في غيره وإن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم ، وما كان أقل من ذلك فليس بشيء رأيته قبل أو لم تره ، وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيّعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه » (٢) فان مقتضى إطلاقها وجوب الإعادة إذا كان الدم أكثر من مقدار الدرهم مجتمعاً أم متفرقاً ، والتعارض بينهما بالإطلاق ومقتضى القاعدة سقوطهما والرجوع إلى عموم الفوق وهو عموم ما دلّ على مانعية النجس في الصلاة ، إذ المقدار المتيقن الخروج منه هو الدم الأقل من الدرهم وأما الزائد على ذلك متفرقاً فهو مشكوك الخروج فتشمله العمومات كما مرّ.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٣١ / أبواب النجاسات ب ٢٠ ح ٧.
(٢) الوسائل ٣ : ٤٣١ / أبواب النجاسات ب ٢٠ ح ٦.