أراد منها النجس بالعرض لم يكن وجه لتخصيصه السؤال بها لوضوح عدم انحصار المتنجس بالمذكورات ، وهذه قرينة على أن سؤاله إنما كان من جهة نجاستها بالذات أو من جهة عدم تذكيتها لأنها كانت في أرض غير المصلين أي المسلمين والأصل في الجلود عدم التذكية فلا تصح فيها الصلاة إلاّ أن تقوم أمارة على التذكية من يد المسلمين وسوقهم أو غيرهما من الأمارات.
وثانياً : أن الإمام عليهالسلام رخّص الصلاة في النعال والخفاف ولم يرخّصها في الجلود ، فلو كان الوجه في ترخيصه هو اشتمال النعال والخفاف على النجاسة العرضية لم يكن فرق بينهما وبين لباس الجلود ، وذلك لأن السائل غير عالم بنجاستها العرضية على الفرض ومع الشك في نجاستها يبني على طهارتها بقاعدة الطهارة من دون تفصيل في ذلك بين لباس الجلود والنعال والخفاف ، فتفصيله عليهالسلام بينهما أوضح قرينة على أن السؤال إنما كان من جهة الحكم بعدم تذكية النعال والخفاف بمقتضى أصالة عدم التذكية ، فيستفاد من الموثقة أن الميتة إنما تكون مانعة فيما تتم فيه الصلاة دون ما لا تتم فيه. وبما ذكرناه في المقام تكون الموثقة كالصريح ولا تكون دلالتها بالإطلاق حتى يقيد بالصحيحة المتقدمة.
فالصحيح أن يقال : إن الصحيحة والموثقة تختلفان مورداً ولا يرد النفي والإثبات فيهما على محل واحد ومعه لا تعارض بينهما حقيقة. بيان ذلك : أن الميتة كما مرّ غير مرّة هو ما استند موته إلى سبب غير شرعي فهو عنوان وجودي وما لم يذك عنوان عدمي ، وهما وإن كانا متلازمين في الخارج إلاّ أنها مختلفان بحسب المفهوم والعنوان ولاختلافهما كذلك فكّكنا بين آثارهما وأحكامهما وقلنا إن النجاسة مترتبة على الميتة دون ما لم يذك فلا يثبت نجاسة اللحم أو الجلد أو غيرهما باستصحاب عدم تذكيته نعم هما مشتركان في بعض أحكامهما كحرمة الأكل وبطلان الصلاة. واختلاف الأحكام الشرعية باختلاف العناوين غير عزيز ولو كان مصداقها شيئاً واحداً. وقد بيّنا في الكلام على العفو عما دون الدرهم من الدم أن الأثر يختلف باختلاف كون الدم المانع مقيداً بالقيد الوجودي وكونه مقيداً بالقيد العدمي ، مع أن مصداقهما شيء واحد.
فعلى ذلك لا معارضة بين الصحيحة والموثقة لأن الموثقة إنما سيقت بظاهرها لبيان