أهل الكتاب وحمل أخبار الطهارة على التقية. ولقد تعجب في الحدائق من صاحب المدارك والسبزواري قدسسرهما وحمل عليهما حملة شديدة وذكر في ضمن ما ذكره استنكاراً عليهما ما هذا نصه :
|
فعدولهم عما مهّده أئمتهم إلى ما أحدثوه بعقولهم حمل الظاهر على النص واتخذوه قاعدة كلية في جميع أبواب الفقه بآرائهم من غير دليل عليه من سنة ولا كتاب جرأة واضحة لذوي الألباب ، وليت شعري لمن وضع الأئمة عليهمالسلام هذه القواعد المستفيضة إلى أن قال : وهل وضعت لغير هذه الشريعة أو أن المخاطب بها غير العلماء الشيعة ما هذا إلاّ عجب عجاب من هؤلاء الفضلاء الأطياب انتهى (١). |
ولا يخفى أن رواياتنا وإن تضمنت الأمر بعرض الأخبار الواردة على مذهب المخالفين والأخذ بما يخالفه ، إلاّ أنه يختص بصورة المعارضة ، وأين التعارض بين قوله عليهالسلام « لا » في أخبار النجاسة وبين تصريحه عليهالسلام بالكراهة والتنزيه في نصوص الطهارة؟ فهل ترى من نفسك أنهما متعارضان؟ فإذا لم تكن هناك معارضة فلما ذا تطرح نصوص الطهارة على كثرتها؟ ولم يعرض صاحب المدارك والسبزواري ومن حذى حذوهما عن قول أئمتهم وإنما لم يعملوا بأخبار النجاسة لعدم معارضتها مع الطائفة الدالة على الطهارة كما عرفت ، وحمل الظاهر على النص أمر دارج عند الفقهاء وعنده ( قدس الله أسرارهم ) في جميع أبواب الفقه. وليت شعري ماذا كان يصنع صاحب الحدائق قدسسره في كتابه لولا ذلك في موارد حمل الظاهر على النص على كثرتها.
هذا كلّه على أن حمل أخبار الطهارة على تضافرها على التقيّة بعيد في نفسه وذلك لأن التقية إما أن تكون في مقام حكمه عليهالسلام بجواز مؤاكلة أهل الكتاب وإما أن تكون في مقام العمل بأن يكون مرادهم عليهمالسلام معاملة السائلين وغيرهم معاملة الطهارة مع أهل الكتاب ، وكلاهما بعيد غايته. أما حملها على التقية في
__________________
(١) الحدائق ٥ : ١٧٣.