على ما ببالي كما في قوله عزّ من قائل ( إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (١) ، وقوله ( إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (٢) وقوله ( مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (٣) وقوله ( مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (٤) إلى غير ذلك من الآيات ، ولا مناص معها من اعتبار الإقرار بالمعاد على وجه الموضوعية في تحقق الإسلام.
وهل هناك أمر آخر يعتبر الاعتراف به في تحقق الإسلام على وجه الموضوعية ويكون إنكاره سبباً للكفر بنفسه؟
فيه خلاف بين الأعلام فنسب في مفتاح الكرامة إلى ظاهر الأصحاب أن إنكار الضروري سبب مستقل للكفر بنفسه (٥) ، وذهب جمع من المحقِّقين إلى أن إنكار الضروري إنما يوجب الكفر والارتداد فيما إذا استلزم تكذيب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنكار رسالته ، كما إذا علم بثبوت حكم ضروري في الشريعة المقدسة وأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أتى به جزماً ومع الوصف أنكره ونفاه ، لأنه في الحقيقة تكذيب للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنكار لرسالته ، وهذا بخلاف ما إذا لم يستلزم إنكاره شيئاً من ذلك كما إذا أنكر ضرورياً معتقداً عدم ثبوته في الشريعة المقدّسة وأنّه مما لم يأت به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ أنه كان ثابتاً فيها واقعاً بل كان من جملة الواضحات فإن إنكاره لا يرجع حينئذ إلى إنكار رسالة النبيّ ، فإذا سُئل أحد في أوائل إسلامه عن الربا فأنكر حرمته بزعم أنه كسائر المعاملات الشرعية فلا يكون ذلك موجباً لكفره وارتداده ، وإن كانت حرمة الربا من المسلّمات في الشريعة المقدّسة ، لعدم رجوع إنكارها إلى تكذيب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو إنكار رسالته.
__________________
(١) النساء ٤ : ٥٩.
(٢) البقرة ٢ : ٢٢٨.
(٣) البقرة ٢ : ٢٣٢.
(٤) البقرة ٢ : ١٧٧.
(٥) مفتاح الكرامة ١ : ١٤٣.