وكونه غير معاقب بشيء من أفعاله لا ينافي تهوده أو تنصره ، كيف وقد يكون غير البالغ مشيِّداً لأركان الكفر والضلال ومروجاً لهما بتبليغه كما ربّما يشاهد في بعض الأطفال غير البالغين فضلاً عن أن يكون هو بنفسه كافراً ، وعليه فيتمحض محل الكلام فيما إذا كان ولد الكافر رضيعاً أو بعد الفطام وقبل كونه مميزاً بحيث كان تكلمه تبعاً لوالديه متلقياً كل ما القي إليه على نهج تكلم الطيور المعلمة هذا.
وقد استدلّ على نجاسته بوجوه : الأوّل : أنّه كأبويه كافر حقيقة بدعوى أنّ الكفر أمر عدمي وهو عدم الإسلام في محل قابل له ، والمفروض أنّ الولد ليس بمسلم كما أنّه محل قابل للإسلام وقد مرّ أن مجرد عدم الإسلام في المحل القابل له عبارة عن الكفر. وفيه : أن الكفر وإن كان أمراً عدميا إلاّ أن ظاهر الأخبار أنه ليس مطلق عدم الإسلام كفراً بل الكفر عدم خاص وهو العدم المبرز في الخارج بشيء ، فما دام لم يظهر العدم من أحد لم يحكم بكفره ، فالإظهار معتبر في تحقّق الكفر كما أنه يعتبر في تحقّق الإسلام ، وحيث إن الولد لم يظهر منه شيء منهما فلا يمكن الحكم بكفره ولا بإسلامه.
الثاني : الاستصحاب بتقريب أن الولد حينما كان في بطن امه علقة كان محكوماً بنجاسته لكونه دماً فنستصحب نجاسته السابقة عند الشك في طهارته. ويرده أولاً : أن النجاسة حال كونه علقة موضوعها هو الدم وقد انقلب إنساناً فالموضوع غير باق وثانياً : أن الاستصحاب لا يثبت به الحكم الشرعي الكلي على ما بيناه في محله.
الثالث : الروايات كصحيحة عبد الله بن سنان (١) ورواية وهب بن وهب (٢) وما ورد (٣) في تفسير قوله عزّ من قائل ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) (٤) حيث دلّت بأجمعها على أن أولاد الكفار كالكفار وأنهم يدخلون مداخل آبائهم في النار ، كما أن أولاد المسلمين يدخلون مداخل آبائهم في الجنة ، لأن الله أعلم بما كانوا عاملين به على تقدير حياتهم.
__________________
(١) الفقيه ٣ : ٣١٧ ح ١٥٤٤.
(٢) الفقيه ٣ : ٣١٧ ح ١٥٤٣.
(٣) الكافي ٣ : ٢٤٨ / ٢.
(٤) الطور ٥٢ : ٢١.