لأنّ الإجماع على نجاسة نفس الخمر غير ثابت لما مرّ من ذهاب جماعة إلى طهارتها فما ظنك بنجاسة المسكر على إطلاقه. ودعوى أنّ الإجماع المدعى إجماع تقديري ومعناه أن القائل بطهارة الخمر كالأردبيلي ومن تقدمه أو لحقه لو كان يقول بنجاستها لقال بنجاسة المسكرات المائعة على إطلاقها ، مندفعة بأنها رجم بالغيب ، فمن أين علمنا بأنهم لو كانوا قائلين بنجاسة الخمر لالتزموا بنجاسة جميع المسكرات المائعة. هذا على أنّا لو سلمنا قيام إجماع فعلي على نجاسة المسكرات لم نكن نعتمد عليه لأنه ليس إجماعاً تعبدياً كاشفاً عن قول المعصوم عليهالسلام حيث إنّا نحتمل استنادهم في ذلك إلى الأخبار الآتية فكيف بالإجماع التقديري فهذه الدعوى ساقطة.
الثاني : الأخبار الآمرة بإهراق ماء الحب الذي قطرت فيه قطرة من المسكر كما في رواية عمر بن حنظلة « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ، ما ترى في قدح من مسكر يصب عليه الماء حتى تذهب عاديته ويذهب سكره؟ فقال : لا والله ولا قطرة قطرت في حب إلاّ أُهريق ذلك الحب » (١) والناهية عن الصلاة في ثوب أصابه مسكر كما في موثقة عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « لا تصل في بيت فيه خمر ولا مسكر لأن الملائكة لا تدخله ، ولا تصل في ثوب قد أصابه خمر أو مسكر حتى تغسله » (٢) وصحيحة علي بن مهزيار المتقدِّمة (٣) الآمرة بالأخذ بما ورد في نجاسة النبيذ المسكر فان هذه الأخبار دلتنا على نجاسة جميع المسكرات بإطلاقها وإن لم تكن خمراً.
والجواب عن ذلك : أن رواية عمر بن حنظلة ضعيفة لعدم توثيقه في الرجال وإن عبّر عنها بالصحيحة في بعض الكلمات. نعم ، له رواية أُخرى (٤) قد تلقاها الأصحاب بالقبول وعنونوها في بحث التعادل والترجيح ومن ثمة سميت بمقبولة عمر بن حنظلة ، إلاّ أن قبول رواية منه في مورد مما لا دلالة له على قبول جميع رواياته بعد ما لم ينص الأصحاب في حقه بجرح ولا تعديل ، اللهُمَّ إلاّ أن يستدل على وثاقته برواية يزيد بن
__________________
(١) الوسائل ٢٥ : ٣٤١ أبواب الأشربة المحرمة ب ١٨ ح ١.
(٢) الوسائل ٣ : ٤٧٠ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٧.
(٣) في ص ٨٦.
(٤) الوسائل ٢٧ : ١٠٦ أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١.