يصل إلى النجاة إلا بالأخذ عنا ، فلا يسبقنا بأن يصل إلى المطلوب لا بالتوصل بنا .
وفي الكافي : إن نور الله منه أخضر ، ومنه أحمر ، ومنه أبيض ، ومنه غير ذلك . وسيأتي في باب العرش في خبر أبي الطفيل إن الله خلق العرش من أنوار مختلفة ، فمن ذلك النور نور أخضر اخضرت منه الخضرة ، ونور أصفر اصفرت منه الصفرة ، ونور أحمر احمرت منه الحمرة ، ونور أبيض وهو نور الأنوار ومنه ضوء النهار .
ثم اعلم أنه يمكن إبقاء الحجب والأنوار على ظواهرها بأن يكون المراد بالحجب أجساماً لطيفة مثل العرش والكرسي يسكنها الملائكة الروحانيون ، كما يظهر من بعض الدعوات والأخبار ، أي أفاض عليه شبيه نور الحجب ليمكن له رؤية الحجب كنور الشمس بالنسبة إلى عالمنا .
ويحتمل التأويل أيضاً بأن يكون المراد بها الوجوه التي يمكن الوصول إليها في معرفة ذاته تعالى وصفاته إذ لا سبيل لأحد إلى الكنه ، وهي تختلف باختلاف درجات العارفين قرباً وبعداً ، فالمراد بنور الحجب قابلية تلك المعارف وتسميتها بالحجب ، إما لأنها وسائط بين العارف والرب تعالى كالحجاب ، أو لأنها موانع عن أن يسند إليه تعالى ما لا يليق به ، أو لأنها لما لم تكن موصلة إلى الكنه فكأنها حجب ، إذ الناظر خلف الحجاب لا تتبين له حقيقة الشئ كما هي .
وقيل : إن المراد بها العقول فإنها حجب نور الأنوار ، ووسائط النفوس الكاملة ، والنفس إذا استكملت ناسبت نوريتها نورية تلك الأنوار ، فاستحقت الإتصال بها والإستفادة منها ، فالمراد بجعله في نور الحجب جعله في نور العلم والكمال مثل نور الحجب ، حتى يناسب جوهر ذاته جوهر ذاتهم فيستبين له ما في ذواتهم ، ولا يخفى فساده على أصولنا بوجوه شتى .
وأما تأويل ألوان الأنوار فقد قيل فيه وجوه :
الأول :
أنها كناية عن تفاوت مراتب تلك الأنوار بحسب القرب والبعد من نور الأنوار ، فالأبيض هو الأقرب ، والأخضر هو الأبعد ، كأنه ممزوج بضرب من الظلمة ،