والأحمر هو المتوسط بينهما ، ثم ما بين كل اثنين ألوان أخرى كألوان الصبح والشفق المختلفة في الألوان لقربها وبعدها من نور الشمس .
الثاني : أنها كناية عن صفاته المقدسة ، فالأخضر قدرته على إيجاد الممكنات وإفاضة الأرواح التي هي عيون الحياة ومنابع الخضرة ، والأحمر غضبه وقهره على الجميع بالإعدام والتعذيب ، والأبيض رحمته ولطفه على عباده كما قال تعالى : وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ .
الثالث : ما استفدته من الوالد العلامة قدس الله روحه وذكر أنه مما أفيض عليه من أنوار الكشف واليقين ، وبيانه يتوقف على تمهيد مقدمة وهي : أن لكل شئ مثالاً في عالم الرؤيا والمكاشفة ، وتظهر تلك الصور والأمثال على النفوس مختلفة باختلاف مراتبها في النقص والكمال ، فبعضها أقرب إلى ذي الصورة ، وبعضها أبعد ، وشأن المعبر أن ينتقل منها إلى ذواتها ، فإذا عرفت هذا فالنور الأصفر عبارة عن العبادة ونورها كما هو المجرب في الرؤيا ، فإنه كثيراً ما يرى الرائي الصفرة في المنام فيتيسر له بعد ذلك عبادة يفرح بها ، وكما هو المعاين في جباه المتهجدين ، وقد ورد في الخبر في شأنهم أنه ألبسهم الله من نوره لما خلوا به . والنور الأبيض العلم لأنه منشأ للظهور ، وقد جرب في المنام أيضاً . والنور الأحمر المحبة كما هو المشاهد في وجوه المحبين عند طغيان المحبة ، وقد جرب في الأحلام أيضاً . والنور الأخضر المعرفة ، كما تشهد به الرؤيا ويناسبه هذا الخبر ، لأنه عليهالسلام في مقام غاية العرفان كانت رجلاه في خضرة .
ولعلهم عليهمالسلام إنما عبروا عن تلك المعاني على تقدير كونها مرادة بهذه التعبيرات ، لقصور أفهامنا عن محض الحقيقة كما تعرض على النفوس الناقصة في الرؤيا هذه الصور ، ولأنا في منام طويل من الغفلة عن الحقائق ، كما قال عليهالسلام : الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا .
وهذه التأويلات غاية ما تصل إليه أفهامنا القاصرة ، والله أعلم بمراد حججه وأوليائه عليهمالسلام . انتهى .