المراد منه المجاز ، وهي الرؤية التي هي معلولة النظر الحقيقي ، واستعمال لفظ السبب في المسبب من أحسن وجوه المجاز .
والجواب : المنع من إرادة هذا المجاز ، فإن النظر وإن اقترن به حرف إلى لا يفيد الرؤية ، ولهذا يقال نظرت إلى الهلال فلم أره ، وإذا لم يتعين هذا المعنى للإرادة أمكن حمل الآية على غيره ، وهو أن يقال إن إلى واحد إلاء ويكون معنى ناظرة أي منتظرة ، أو نقول إن المضاف هنا محذوف وتقديره إلى ثواب ربها ناظرة .
لا يقال : الإنتظار سبب الغم والآية سيقت لبيان النعم .
لأنا نقول : سياق الآية يدل على تقدم حال أهل الثواب والعقاب على استقرارهم في الجنة والنار بقوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ، بدليل قوله تعالى : وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ، فإن في حال استقرار أهل النار في النار قد فعل بها فاقرة فلا يبقى للظن معنى . وإذا كان كذلك فانتظار النعمة بعد البشارة بها لا يكون سبباً للغم بل سبباً للفرح والسرور ونضارة الوجه كمن يعلم وصول نفع إليه يقيناً في وقت ، فإنه يسر بذلك وإن لم يحضر الوقت ، كما أن انتظار العقاب بعد الأنذار بوروده يوجب الغم ويقتضي بسارة الوجه .
قال : وتعليق الرؤية باستقرار المتحرك لا يدل على الإمكان .
أقول : هذا جواب عن الوجه الثالث للأشعرية وتقرير احتجاجهم أن الله سبحانه وتعالى علق الرؤية في سؤال موسى عليهالسلام على استقرار الجبل ، والإستقرار ممكن لأن كل جسم فسكونه ممكن ، والمعلق على الممكن ممكن .
والجواب : أنه تعالى علق الرؤية على الإستقرار لا مطلقاً بل على استقرار الجبل حال حركته ، واستقرار الجبل حال الحركة محال ، فلا يدل على إمكان المعلق .
قال : واشتراك المعلولات لا يدل على اشتراك العلل مع منع التعليل والحصر .
أقول :
هذا جواب عن شبهة الأشاعرة من طريق العقل استدلوا بها على جواز رؤيته تعالى ، وتقريرها أن الجسم والعرض قد اشتركا في صحة الرؤية ، وهذا حكم