بلاد الكفر أن يوجد بنفسه المناخ الديني المفقود في تلك البلاد ، صحيح أنه لا يستطيع إيجاد الجو العام ، ولكن باستطاعته أن يخلق هذا الجو الخاص فيكيف ذاته وفق مناخه الديني الذي ينسجم معه .
إن تهيئة الجو الملائم ذي الطابع الإسلامي يشبه الى حد ما عملية التطعيم ضد مرض لا يستطيع الفرار منه ، فيحاول تدارك خطره من خلال المضادات التي يخلقها بنفسه .
إننا في الوقت الذي لا ندعي سهولة ذلك ، وحلّ هذه المسألة ببساطة تنظيرية ، إلا أننا في ذات الوقت لا يمكننا التقليل من أهمية خسارة المؤمن لالتزامه الديني الذي هو أساس مهم في تكوين شخصيته ، فينبغي إذاً المحافظة عليه ولو كان ذلك يتوقف على الخسارة في أي جانب من حياته .
إننا بالمقدار الذي نشدد على خطورة تلك الآثار نشدّد أيضاً على أهمية صيانة المؤمن من الوقوع فيها وإنقاذه منها .
إن المؤمن الذي سعى لتلك البلاد لتأمين مستقبله الدنيوي ـ العلمي أو الاقتصادي أو غيرهما ـ لا يجوز له أن يخسر مستقبله الأخروي في سبيل ذلك ، تماماً كأي تاجر لا ينبغي له أن يخسر شرفه أو حياته في مقابل حفنة من المال قلّت أو كثرت . إذ ما قيمة هذه في مقابل تلك ، وهكذا الحال في المريض الذي تحمّل مرارة الدواء أو حرارة الكيّ لكي لا يستمر المرض فيؤدي الى الوفاة .