كان قادراً عليهما كذلك ، فإذن لا معنى لجعله قسماً آخر في مقابل القسم الأوّل.
وأمّا ما ذكره قدسسره من أنّ المضادة بين الفعلين إذا كانت دائمية فتقع المعارضة بين دليل حكميهما ، فهو إنّما يتم في الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، وأمّا الضدّين اللذين لهما ثالث فلا يتم ، وقد تقدّم ذلك بشكل واضح فلا نعيد.
وأمّا القسم الثالث : وهو التزاحم في موارد اجتماع الأمر والنهي على القول بالجواز مع فرض عدم المندوحة في البين ، فهو داخل في القسم الرابع ، وهو ما إذا كان التزاحم من جهة التلازم الاتفاقي بين الفعلين في الخارج ، ضرورة أنّ التزاحم في موارد الاجتماع على هذا القول أيضاً من ناحية التلازم بين متعلق الأمر ومتعلق النهي في الوجود الخارجي ، فإذن لا معنى لجعله قسماً على حدة.
ونتيجة ما ذكرناه هي أنّ الصحيح تقسيم التزاحم إلى ثلاثة أقسام :
الأوّل : ما إذا كان التزاحم ناشئاً من عدم قدرة المكلف اتفاقاً.
الثاني : ما إذا كان الحرام مقدّمة لواجب.
الثالث : ما إذا كان ناشئاً من التلازم الاتفاقي بين فعلين في الخارج.
أمّا القسم الأوّل : فقد تقدّم الكلام فيه بصورة مفصّلة (١).
بقي شيء قد تعرّض له شيخنا الاستاذ قدسسره (٢) وهو أنّ التزاحم إذا كان بين واجبين طوليين يكون كل منهما مشروطاً بالقدرة عقلاً ، فإن لم يكن الواجب المتأخر أهم من الواجب المتقدم فقد ذكر قدسسره أنّه يتقدّم الواجب المتقدم على المتأخر ، فلا وجه للتخيير أصلاً.
ولكن قد ذكرنا سابقاً أنّه لا وجه لما افاده قدسسره هنا ، بل المتعيّن فيه
__________________
(١) في ص ٣ وما بعدها
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٤٧