ويردّه : مضافاً إلى أنّه بعيد في نفسه ـ فانّ الالتزام بوجوبه أوّلاً واشتراطه بالترك ثانياً تبعيد للمسافة فلا يمكن استفادته من الأدلة ـ أنّ الشرط لو كان هو الترك في الجملة فلازمه هو أنّ المكلف لو ترك في برهة من الزمان ولو بمقدار دقيقة واحدة فقد حصل الشرط وتحقق ، ومن المعلوم أنّه إذا تحقق يجب على جميع المكلفين عيناً ، وهذا خلف. ولو كان الشرط هو الترك المطلق فلازمه هو أنّه لو أتى به جميع المكلفين لم يحصل الشرط ـ وهو الترك المطلق ـ وإذا لم يحصل فلا وجوب لانتفائه بانتفاء شرطه على الفرض ، فإذن لا معنى للامتثال وحصول الغرض ، ضرورة أنّه على هذا الفرض لا وجوب في البين ليكون الاتيان بمتعلقه امتثالاً وموجباً لحصول الغرض في الخارج ، على أنّه لا مقتضي لذلك ، والوجه فيه : هو أنّ الغرض بما أنّه واحد وقائم بصرف وجود الواجب في الخارج ، فلا بدّ أن يكون الخطاب أيضاً كذلك ، وإلاّ لكان بلا داعٍ وغرض. وهو محال.
نعم ، لو كانت هناك أغراض متعددة بعدد أفعال المكلفين ولم يمكن الجمع بينها واستيفاؤها معاً لتضادها ، فعندئذ لا محالة يكون التكليف بكل منها مشروطاً بعدم الاتيان بالآخر على نحو الترتب ، وقد ذكرنا في بحث الضدّ (١) أنّ الترتب كما يمكن بين الحكمين في مقام الفعلية والامتثال ، كذلك يمكن بين الحكمين في مقام الجعل والتشريع ، فلا مانع من أن يكون جعل الحكم لأحد الأمرين مترتباً على عدم الاتيان بالآخر.
وغير خفي أنّ هذا مجرد فرض لا واقع له أصلاً.
أمّا أوّلاً : فلأنّ هذا الفرض خارج عن محل الكلام ، فانّ المفروض في محل
__________________
(١) راجع المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٤٦٩