هذا وذاك ، ولذا أيّ واحد منهم أتى به وأوجده فقد حصل الغرض وسقط الأمر لا محالة ، كما إذا أمر أحدهم باتيان ماء مثلاً ليشربه ، فانّه من المعلوم أنّ أيّ واحد منهم قام به فقد وفى بغرض المولى.
وأمّا في الشرع فأيضاً كذلك ، ضرورة أنّه لا مانع من أن يأمر الشارع المكلفين بايجاد فعل في الخارج كدفن الميت مثلاً أو كفنه أو ما شاكل ذلك ، من دون أن يتعلق غرضه بصدوره عن خصوص واحد منهم ، بل المطلوب وجوده في الخارج من أيّ واحد منهم كان ، فانّ نسبة ذلك الغرض الواحد إلى كل من المكلفين على السوية ، فعندئذ تخصيص الواحد المعيّن منهم بتحصيل ذلك الغرض خارجاً بلا مخصص ومرجح ، وتخصيص المجموع منهم بتحصيل ذلك مع أنّه بلا مقتضٍ وموجب باطل بالضرورة كما عرفت ، وتخصيص الجميع بذلك على نحو العموم الاستغراقي أيضاً بلا مقتضٍ وموجب ، إذ بعد كون الغرض واحداً يحصل بفعل واحد منهم ، فوجوب تحصيله على الجميع لا محالة يكون بلا مقتضٍ وسبب ، فإذن يتعين وجوبه على الواحد لا بعينه المعبّر عنه بصرف الوجود ، ويترتب على ذلك أنّه لو أتى به بعض فقد حصل الغرض لا محالة وسقط الأمر ، لفرض أنّ صرف الوجود يتحقق بأوّل الوجود ولو أتى به جميعهم ، كما إذا صلّوا على الميت مثلاً دفعةً واحدة كان الجميع مستحقاً للثواب ، لفرض أنّ صرف الوجود في هذا الفرض يتحقق بوجود الجميع دون خصوص وجود هذا أو ذاك ، وأمّا لو تركه الجميع لكان كل منهم مستحقاً للعقاب ، فانّ صرف الوجود يصدق على وجود كل منهم من ناحية ، والمفروض أنّ كلاً منهم قادر على إتيانه من ناحية اخرى.
فالنتيجة : هي أنّ الواجب الكفائي ثابت في اعتبار الشارع على ذمّة واحد من المكلفين لا بعينه ، الصادق على هذا وذاك ، نظير ما ذكرناه في بحث الواجب