التكليف وضيقه ، فلا يعقل أن يكون الغرض أوسع منه.
وعلى هذا فبما أنّ التكليف المتعلق بالأكثر غير واصل إلى المكلف ، لما عرفت من انحلال العلم الاجمالي ، فلا محالة يكون الغرض المترتب عليه في الواقع أيضاً غير واصل ، لفرض أنّ وصوله تابع لوصول التكليف ، فإذا فرض أنّ التكليف لم يصل فالغرض أيضاً كذلك ، ومن الظاهر أنّه لا يجب تحصيل مثل هذا الغرض لا بحكم العقل ولا بحكم الشرع ، لفرض أنّه لا يزيد عن التكليف ، والمفروض في المقام أنّه لا يجب امتثال هذا التكليف من جهة عدم تنجّزه ووصوله ، فإذن لا مانع من قبل وجوب تحصيل الغرض من إجراء البراءة عن وجوب الأكثر شرعاً وعقلاً كما هو واضح.
وأمّا التكليف المتعلق بالأقل ، فبما أنّه واصل إلى المكلف ومنجّز ، فلا محالة يكون الغرض المترتب عليه واصلاً أيضاً ، ومعه يجب تحصيله ، كما يجب امتثال التكليف المتعلق به.
ونتيجة ما ذكرناه : هي أنّ الغرض المترتب على الأكثر بما أنّه مشكوك فيه من جهة ، ولم يقم برهان عليه من جهة اخرى ، فلا محالة لا يمنع عن جريان البراءة عن وجوبه.
ومن ذلك يظهر أنّه لا فرق بين البراءة الشرعية والعقلية ، فانّه كما لا يمنع عن جريان الاولى ، كذلك لا يمنع عن جريان الثانية ، ضرورة أنّ مانعيته إنّما هي في فرض كون تحصيله واجباً بحكم العقل ، وقد عرفت أنّ العقل لا يحكم بوجوب تحصيله ، إلاّفيما إذا وصل إلى المكلف لا مطلقاً.
فما أفاده المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) من التفكيك بين البراءة
__________________
(١) تقدّم ذكر المصدر في ص ٣١٤