وقد يوجّه ذلك : بأنّ نظر العرف حيث كان يبتني على المسامحة ، فيرون المجمع في مورد الاجتماع والتصادق واحداً ويحكمون بامتناع الاجتماع ، وأمّا نظر العقل حيث إنّه كان مبنياً على الدقّة فيرى المجمع متعدداً ، ولذا يحكم بالجواز بناءً على ما هو الصحيح من عدم سراية الحكم من أحد المتلازمين إلى الملازم الآخر.
ويردّه : ما ذكرناه غير مرّة من أنّ نظر العرف لا يكون حجّة في موارد تطبيق المفاهيم على مصاديقها ، بداهة أنّ المجمع إذا كان متعدداً في الواقع فلا أثر لنظر العرف بكونه واحداً أصلاً ، ولا سيّما نظره المسامحي ، فالعبرة إنّما هي بوحدة المجمع وتعدده بحسب الواقع والحقيقة عند العقل ، كما هو ظاهر.
وقد يوجّه بتوجيه ثانٍ وملخّصه : هو دعوى أنّ العرف لا يفهم من قوله تعالى مثلاً : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ )(١) إلاّوجوب حصة منها ـ وهي الحصة التي لا تكون في الأرض المغصوبة ـ فلا تنطبق على الصلاة فيها ، وعليه فلا ينطبق المأمور به على المنهي عنه أصلاً ، وهذا معنى امتناع اجتماعهما في شيء واحد عرفاً.
وبتعبير آخر : أنّ المتفاهم العرفي من الأدلة الدالة على وجوب الصلاة أو نحوها بعد ملاحظة النهي عن التصرف في مال الغير ، هو وجوب حصة خاصة منها ، وهي الحصة التي لا تقع في مال الغير ، وعليه فالحصة الواقعة فيه ليست مصداقاً للصلاة المأمور بها ، بل هي منهي عنها فحسب ، فإذن يستحيل اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد ، ومردّ هذا إلى تخصيص أدلة وجوب الصلاة مثلاً
__________________
(١) الإسراء ١٧ : ٧٨